المؤلفات التي أخرجتها المطابع ، ثمّ تلك البحوث والتعليقات في كتاب (الدراسات) للسيّد علي الشاهرودي رحمه الله ، وهي تقريرات سيدنا الخوئي ، وكذلك كتابه الآخر (المحاضرات في الفقه الجعفري) ، فهي تنم عن العقلية التي يتمتع بها (المترجَم له) والذهنية التي توفرت له ، ثمّ الصبر الطويل في تقليب الصفحات للمَراجع والمصادر العديدة. ويغلب على ظنّي أنه أعان كثيراً من الباحثين المحدَثين في النجف ، المعاصرين الذين أخرجوا شهيرات الكتب ، وربما قدّم لهم فصولاً تامة للكتب التي نشروها ، كل ذلك خدمة للعلم وأهل العلم. واليك ما كتبه الشيخ محمّد هادي الأميني نجل المرحوم الحُجّة الأميني (١) : لقد كان الحُجّة السيّد المقرّم بحراً متدفقاً لا في الفقه واصوله ، وإنما تجده يخوض في الحديث والأدب والفلسفة والدراية والحكمة الالهية ، كعبة القاصد وملاذ المحتاج ، واسعَ الثقافة وافر العلوم ، صريحاً في جميع أقواله وأعماله. إنّ كتاباً واحداً من كتبه يكفي أن يعطيك فكرة واضحة عن ثقافته الحيّة التي تتجلى فيها نفحات العبقرية ، وهو مع هذا العلم الغزير ، والبحث الجمِّ لا يزدهيه الفخر ولا يداخله الغرور ؛ لذلك كنت تجده دائماً موطِّئَ الجانب ، يلقي إليك بما عنده وكأنه يأخذ منك ....
٦ ـ اسلوبه
إنّ أساليب الباحثين تعتمد على الوضوح والإبانة ، وإقامة الدليل وسطوع الحجة ، وإذا استقرأنا مؤلفات المغفور له ، فبماذا يظهر اُسلوبه الكتابي؟
في أكبر الظن أنك إذا تفحصت كتبه في مواضيعها المختلفة ، والتعليقات التي حررها للآخرين ، أو التي كتبها مقدماتٍ لكتب علماء أجلاء ، فلا شك أنك ستجد سِمة الوضوح وطابع الإشراق هي الأساس في التراكيب. ولا يبعد عن البال أن البحث الذي تتميز به كتبه ، هي دراسة وفحص ومقارنة ، وهذا يستدعي منه قراءة النصوص بوجوهها المختلفة ، مع نقد للقائلين والرواة وعرض لشخصياتهم. وبعد هذا كلِّه ، إمّا أن يستقيم النص أو يتهاوى ؛ وعلى هذا صدر كتابه (تنزيه المختار الثقفي) ، وكتابه الجليل (السيّدة سكينة) ،
__________________
(١) مجلّة العدل النجفيّة ـ العدد ١٧ في ١٤ شعبان ١٣٩١ هـ الموافق ٥ ص ١٠ ص ١٩٧١.