ثلاث وثلاثين من الهجرة (١) ، وكان مرآة الجمال النّبوي ومثال خُلُقه السّامي واُنموذجاً من منطقه البليغ ، وإذا كان شاعر رسول الله (ص) يقول فيه :
وأحسن منك لَم ترَ قطٌّ عيني |
|
وأجمل منك لم تلد النّساء |
خلقت مبرَّءاً من كلِّ عيب |
|
كأنّكَ قد خلقت كما تشاء |
فمادح الأكبر يقول (٢) :
لم تَر عينٌ نظرت مثله |
|
من محتفٍ يمشي ومن ناعل |
يغلي نهيء اللحم حتّى اذا |
|
انضج لم يغل على الآكل (٣) |
كان اذا شبّت له ناره |
|
اوقدها بالشرف القابل (٤) |
كيما يراها بائس مرمل |
|
او فردُ حيٍ ليس بالآهل |
لا يؤثر الدنيا على دينه |
|
ولايبيع الحقُّ بالباطل |
أَعني ابن ليلى ذا الندى والسدى |
|
أَعني ابن بنت الحَسَب الفاضل (٥) |
فعلي الأكبر هو المتفرّع من الشجرة النبويّة ، الوارث للمآثر الطيّبة ، وكان حريّاً بمقام الخلافة لَولا أنّها منصوصة من إله السّماء. وقد سجّل سبحانه أسماءهم في الصحيفة النازل بها جبرئيل (عليه السّلام) على رسول الله (صلّى الله عليه وآله).
ورث الصفات الغرّ وهي تراثه |
|
من كل غطريف وشهم أصيد |
أَعني ابن ليلى ذا الندى والسدى |
|
أَعني ابن بنت الحَسَب الفاضل (٥) |
في بأس حمزة في شجاعة حيدر بإبا الحسين وفي مهابة أحمد
__________________
(١) أنيس الشيعة ـ مخطوط ـ للسيد محمّد عبد الحسين الجعفري الحائري ، ألّفه باسم السّلطان فتح علي شاه.
(٢) في مقاتل الطالبيين ص ٣٢ : إنّها قيلت في علي الأكبر.
(٣) يغلي : الأولى بمعنى يفير. والثانية ضد يرخص والنّهيء كما في أقرب الموارد مادّة (نهيء) : اللحم غير المطبوخ.
(٤) الشرف : الموضع العالي. والقابل بمعنى المقبل لعلوّه وارتفاعه ، وهذه عادة العرب أنّهم يوقدون النّار في المكان المرتفع ليهتدي الركب في الليل.
(٥) في مصباح المنير مادّة ندى : إنّ ما يسقط أول الليل من البلل يقال له سدى ، وما يسقط آخره يقال له الندى. وفي مراتب النحويين ص ٥٣ ، لأبي الطيب عبد الواحد الحلبي المتوفّى ٣٥١ : قال الأصمعي : إنّ أبا زيد يزعم أنّ النّدى ما كان في الأرض ، والسدى ما يسقط من السّماء فقال : إذاً فما يصنع بقول الشاعر؟
ولقد أتيت البيت يخشى أهله |
|
بعد الهدو وبعدما سقط الندى |
أتراه سقط من الأرض إلى السّماء؟!