مكترث بالجمع ولا مبال بالاُلوف.
أهوى يشدّ حذاءه |
|
والحرب مشرعة لأجله |
ليسومها ما إن غلت |
|
هيجاؤها بشراك نعله |
متقلداً صمصامه |
|
متفّيئاً بظلال نصله |
لا تعجبنّ لفعله |
|
فالفرع مرتهن بأصله |
السُّحْبُ يخلفها الحيا |
|
والليث منظور بشبله (١) |
وبينا هو على هذا إذ شدّ عليه عمرو بن سعد بن نُفيل الأزدي ، فقال له حميد بن مسلم : وما تريد من هذا الغلام؟ يكفيك هؤلاء الذين تراهم احتوشوه. فقال : والله لأشدنّ عليه. فما ولّى حتّى ضرب رأسه بالسّيف ، فوقع الغلام لوجهه فقال : يا عمّاه! فأتاه الحسين كالليث الغضبان ، فضرب عمراً بالسّيف فاتّقاه بالسّاعد فأطنّها (٢) من المرفق ، فصاح صيحةً عظيمةً سمعها العسكر ، فحملت خيل ابن سعد لتستنقذه ، فاستقبلته بصدرها ووطأته بحوافرها فمات.
وانجلت الغبرة وإذا الحسين (ع) قائم على رأس الغلام وهو يفحص برجليه. والحسين (ع) يقول : «بُعداً لقوم قتلوك! خصمهم بوم القيامة جدّك».
ثمّ قال : «عزّ والله على عمّك أن تدعوه فلا يجيبك ، أو يجيبك ثمّ لا ينفعك ، صوتٌ والله كثر واتره وقلَّ ناصره». ثمّ احتمله وكان صدره على صدر الحسين (ع) ورجلاه يخطّان في الأرض ، فألقاه مع علي الأكبر وقتلى حوله من أهل بيته (٣) ، ورفع طرفه إلى السّماء وقال : «اللهمّ أحصهم عدداً ، ولا تغادر منهم أحداً ، ولا تغفر لهم أبداً ، صبراً يا بني عمومتي ، صبراً يا أهل بيتي ، لا رأيتم هواناً بعد هذا اليوم أبداً» (٤).
ناهيك بالقاسم بن المجتبى حسن |
|
مزاول الحرب لم يعبأ بما فيها |
كأنَّ بيض مواضيها تكلِّمه |
|
غيدٌ تغازله منها غوانيها |
كأنّ سمر عواليها كؤوس طلا |
|
تزفّها راح ساقيها لحاسيها |
__________________
(١) للعلامة السيّد مير علي أبو طبيخ رحمه الله.
(٢) في الصحاح ضربه فأطنّ ساقه أي : قطعها ، يراد بذلك صوت القطع.
(٣) تاريخ الطبري ٦ ص ٢٥٧ ، والبداية لابن كثير ٨ ص ١٨٦ ، والإرشاد.
(٤) مقتل الخوارزمي ٢ ص ٢٨.