نفسي لسبط المصطفى الطهر وقى |
|
إني أنا العبّاس أغدو بالسقا |
ولا أخاف الشرَّ يوم الملتقى
فكمِن له زيد بن الرقاد الجهني من وراء نخلة وعاونه حكيم بن الطفيل السنبسي ، فضربه على يمينه فبرأها فقال (عليه السّلام) :
والله إنْ قطعتُمُ يميني |
|
إني أُحامي ابداً عن ديني |
وعن إمام صادق اليقين |
|
نجل النبيِّ الطاهر الأمين |
فلَم يعبأ بيمينه بعد أنْ كان همّه إيصال الماء إلى أطفال الحسين (ع) وعياله ، ولكن حكيم بن الطفيل كمِن له من وراء نخلة فلمّا مرّ به ضربه على شماله فقطعها (١) وتكاثروا عليه ، وأتته السّهام كالمطر ، فأصاب القربة سهم واُريق ماؤها ، وسهم أصاب صدره (٢) ، وضربه رجل بالعمود على رأسه ففلق هامته.
وهوى بجنب العلقميِّ فليته |
|
للشاربين به يداف العلقم |
وسقط على الأرض ينادي : عليك منّي السّلام أبا عبد الله. فأتاه الحسين (ع) (٣) وليتني علمت بماذا أتاه أبحياة مستطارة منه بهذا الفادح الجلل أم بجاذب من الاُخوّة إلى مصرع صنوه المحبوب؟!
نعم حصل الحسين (ع) عنده وهو يبصر قربان القداسة فوق الصعيد قد غشيته الدماء وجللته النّبال ، فلا يمين تبطش ولا منطق يرتجز ولا صولة ترهب ولا عين تبصر ، ومرتكز الدماغ على الأرض مبدد.
أصحيح أنّ الحسين (ع) ينظر إلى هذه الفجائع ومعه حياة ينهض بها؟ لَم يبقَ الحسين (ع) بعد أبي الفضل إلاّ هيكلاً شاخصاً معرّى عن لوازم الحياة ، وقد أعرب
__________________
سيّدي ما زلت أسمعه يذكر مصائبك ، فقال (ع) : قل له يذكر هذه المصيبة وهي : (إنّ الفارس إذا سقط من فرسه يتلقّى الأرض بيدَيه فإذا كانت السّهام في صدره ويداه مقطوعتان ، بماذا يتلقى الأرض؟).
(١) مناقب ابن شهر آشوب ١ ص ٢٢١.
(٢) رياض المصائب ص ٣١٥.
(٣) المنتخب للطريح ص ٣١٢ ، المطبعة الحيدرية سنة ٣٦٩ ، ورياض المصائب ص ٣١٥. وفي مناقب ابن شهر آشوب ٢ ص ٢٢٢ : إن حكيم بن الطفيل ضربه بعمود من حديد على رأسه.