ما عليهن من أخمرة وأسورة ، ولمّا بصر بها قصدها ، ففرّت منه ، فأتبعها رمحه فسقطت لوجهها مغشيّاً عليها ، ولمّا أفاقت رأت عمّتها اُمّ كلثوم عند رأسها تبكي (١).
أزعِجَت من خدرها حاسرة |
|
كالقطا روّع من بعد هجود |
تندب الصون الذي قد فقدت |
|
صبرها فيه إلى خير فقيد |
فقدت خير عماد فدعت |
|
من بني عمرو العلى كل عميد |
لبدورٍ بدماها شرقت |
|
وبها أشرق مغبر الصعيد |
بين محزوز وريد وزّعت |
|
جسمه البيض ومقطوع زنود |
قد تواروا بقنا الخطّ فهل |
|
قصد الخطيّ غاباً للاسود |
تصدع الظلماء اوضاحٌ لهم |
|
كمصأبيح على الترب ركود (٢) |
ونظرت امرأة من آل بكر بن وائل كانت مع زوجها إلى بنات رسول الله بهذه الحال فصاحت : يا آل بكر بن وائل ، أتُسلب بنات رسول الله! لا حكم إلاّ لله ، يا لثارات رسول الله! فردّها زوجها إلى رحله (٣).
وانتهى القوم إلى علي بن الحسين (ع) ، وهو مريض (٤) على فراشه لا يستطيع النّهوض ، فقائل يقول : لا تدعوا منهم صغيراً ولا كبيراً. وآخر يقول : لا تعجلوا حتّى نستشير الأمير عمر بن سعد (٥). وجرّد الشمر سيفه يريد قتله ، فقال له حميد بن مسلم : يا سبحان الله! أتقتل الصبيان؟! إنّما هو صبي مريض (٦). فقال : إنّ ابن زياد أمر بقتل أولاد الحسين. وبالغ ابن سعد في منعه (٧) ، خصوصاً لمّا سمع العقيلة زينب ابنة أمير المؤمنين تقول : لا يُقتل حتّى اُقتل دونه. فكفّوا عنه (٨).
__________________
(١) رياض المصائب ص ٣٤١ ، وتظلّم الزهراء (عليها السّلام) ص ١٣٠.
(٢) للحجّة المحقّق الشيخ عبد الحسين الحلّي رحمه الله ، من قصيدة في مولد الحسين (عليه السّلام).
(٣) اللهوف ص ٧٤ ، ومثير الأحزان لابن نما ص ٤١.
(٤) مرض السّجاد (ع) ذكره الطبري ٦ ص ٢٦٠ ، وكامل ابن الأثير ٤ ص ٣٣ ، والبداية لابن كثير ٨ ص ١٨٨ ، ومرآة الجنان لليافعي ١ ص ١٣٣ ، والإرشاد للشيخ المفيد ، ومناقب ابن شهر آشوب ٢ ص ٢٢٥ ، وإعلام الورى للطبرسي ص ١٤٨ ، وروضة الواعظين ص ١٦٢ ، لمحمد بن أحمد بن علي النيسابوري ، الفتال واثبات الوصية للمسعودي ص ١٤٠.
(٥) تظلّم الزهراء (عليها السّلام) ص ١٣٢.
(٦) تاريخ الطبري ٦ ص ٢٦٠.
(٧) نفَس المفهوم.
(٨) تاريخ القرماني ص ١٠٨.