وأمرهم أنْ يحفروا حفرتين ، ووضع في الاُولى بني هاشم ، وفي الثانية الأصحاب (١).
وأمّا الحر الرياحي فأبعدته عشيرته إلى حيث مرقده الآن وقيل : أنّ اُمّه كانت حاضرة فلمّا رأت ما يُصنع بالأجساد ، حملت الحر إلى هذا المكان (٢).
وكان أقرب الشهداء إلى الحسين ولده الأكبر (عليه السّلام) ، وفي ذلك يقول الإمام الصادق (ع) لحمّاد البصري : «قُتل أبو عبد الله غريباً بأرض غربة ، يبكيه مَن زاره ، ويحزن له مَن لم يزره ، ويحترق له مَن لَم يشهده ، ويرحمه من نظر إلى قبر ابنه عند رجلَيه في أرض فلاة ولا حميم قربه ، ثمّ منع الحقّ وتوازر عليه أهل الردّة حتّى قتلوه وضيّعوه وعرضوه للسّباع ومنعوه شرب ماء الفرات الذي يشربه الكلاب وضيّعوا حقّ رسول الله (ص) ووصيّته به وبأهل بيته ، فأمسى مجفواً في حفرته صريعاً بين قرابته وشيعته ، قد اوحش قربه في الوحدة والبعد عن جدّه والمنزل الذي لا يأتيه إلاّ مَن امتحن الله قلبه للإيمان وعرف حقنا».
ولقد حدّثني أبي : أنّه لَم يخل مكانه منذ قُتل من مصلّ عليه من الملائكة أو من الجنّ والإنس أو من الوحش ، وما من أحد إلاّ ويغبط زائره ويتمسّح ويرجو في النّظر إليه الخير لنظره إلى قبره.
وإنّ الله تعالى لَيباهي الملائكة بزائريه.
وأمّا ما له عندنا فالترحّم عليه كلّ صباح ومساء.
ولقد بلغني أنّ قوماً من أهل الكوفة وناساً غيرهم من نواحيها يأتونه في
__________________
(١) الكبريت الأحمر ، وأسرار الشهادة ، والإيقاد.
(٢) الكبريت الأحمر ، ونقل السيّد الجزائري في الأنوار النّعمانية ص ٣٤٤ ما يشهد بذلك ، فإنّه نقل : أنّ إسماعيل الصفوي نبش الموضع ، فظهر له رجل كهيئته لمّا قُتل ، وعلى رأسه عصابة ، فلمّا حلّها انبعث الدم ولَم ينقطع إلاّ بشدّها ، فبنى على القبر قبّة ، وعيّن له خادماً. وعليه فإنكار النّوري في اللؤلؤ والمرجان دفنَه هنا لَم يُدعم بقرينة. وفي تحفة العالم للسيّد جعفر بحر العلوم ١ ص ٣٧ : إنّ حمد الله المستوفي ذكر في نزهة القلوب : إنّ في ظاهر كربلاء قبر الحر تزوره النّاس وهو جدّه الثامن عشر. وكان أحدهم يقول :
أشِرْ للحرِّ من قرب وبعد |
|
فإنَّ الحرَّ تكفيه الاشاره |
فردّ عليه الحجّة السيد محمّد القزويني :
زر الحرَّ الشهيد ولا تؤخر |
|
زيارته على الشهداء قدم |
ولا تسمع مقالة من ينادي |
|
أشر للحر من بعد وسلم |