الرأس مصلوباً على باب دارها ، والأنوار العلويّة تتصاعد إلى عنان السماء ، وشاهدت الدم يتقاطر ، ويُشم منه رائحة طيّبة ، عظم (١) مصابه في قلبها ؛ فلم تتماسك دون أن دخلت عليه مجلسه مهتوكة الحجاب وهي تصيح : رأس ابن بنت رسول الله (ص) مصلوب على دارنا؟!. وقام إليها وغطّاها ، وقال لها : اعولي على الحسين ، فإنه صريخة بني هاشم ، عجّل عليه ابن زياد (٢).
__________________
إلا أنه أبدل الحسين بالحسن (ع) ، وأنه قال لعبد الله بن عامر بعد أن طلقها : «لا تجد مُحلّلاً خيراً لكما مني». وكانت هند تقول : سيدهم حسن. واسخاهم عبد الله. وأحبهم إليَّ عبد الرحمن. وفي تهذيب التهذيب ٢ ص ٤٥ : إن الهذلي هو أبو بكر ، كذّاب عند ابن معين ، ضعيف عند أبي زرعة ، متروك الحديث عند النسائي. وفي الوافي بالوفيات ٣ ص ١٤٦ ، اعترف محمّد بن سيرين على نفسه ، بأنه يسمع الحديث ، وينقص منه. وكان من سبي (جرجيا). وفي طرح التثريب ص ١٠٣ : كان سيرين من سبي عين التمر.
(الصورة الثالثة) في نهاية الارب ٦ / ١٨٠ : كانت زينب عند عبد الله بن سلام عامل معاوية على العراق ، فطلب منه معاوية طلاق زوجته ؛ لرغبة يزيد فيها على أن يزوجه من ابنته. فلما طلقها لم توافق ابنة معاوية على التزويج منه ، فأرسل معاوية أبا هريرة وأبا الدرداء إلى العراق ليخطبا زينب بنت اسحاق ليزيد. فقدما الكوفة ، وكان بها الحسين بن علي (ع) ، فذكرا له القصة ، فقال لهما : «اذكراني». فاختارت الحسين (ع) وتزوجها ، ولما عرف رغبة عبد الله بن سلام فيها طلقها ؛ ليحلها لزوجها الاول.
وهذه القصة المطولة ، التي أرسلها النويري في نهاية الأرب من دون إسناد ، ارسلها ابن بدرون في شرح قصيدة ابن عبدون ص ١٧٢ سنة ١٣٣٠ ـ ، واسماها (ارينب) بالراء المهملة. والحسين (ع) لم يرد إلى الكوفة بعد ارتحالهم منها!.
(الصورة الرابعة) في الامثال للميداني ١ / ٢٧٤ حرف الراء عنوان (رب ساع لقاعد) روي مرسلاً : إن معاوية سأل يزيد عن رغباته ، فذكر له رغبة في التزويج من (سلمى اُم خالد) ، زوجة عبد الله بن عامر بن كريز. فاستقدمه معاوية ، وسأله طلاق امرأته على أن يعطيه خراج فارس خمس سنين ، فطلّقها. فكتب معاوية إلى واليه على المدينة (الوليد بن عتبة) أن يُعلم ام خالد بطلاقها. وبعد انقضاء العدة ، أرسل معاوية أبا هريرة ومعه ستون ألفاً ؛ عشرون ألف دينار مهرها ، وعشرون ألفاً كرامتها ، وعشرون ألفاً هديتها. وفي المدينة حكى القصة لأبي محمّد الحسن بن أمير المؤمنين (عليه السّلام) ، فقال لأبي هريرة : «اذكرني». وقال له الحسين : «اذكرني لها». وقال عبيد الله بن العبّاس بن عبد المطلب : اذكرني. وقال عبد الله بن جعفر الطيّار : اذكرني. وقال عبد الله بن الزبير : اذكرني. وقال عبد الله بن مطيع بن الاسود : اذكرني. ولمّا دخل عليها أبو هريرة ، حكى لها ما أراده معاوية ، ثم ذكر رغبة الجماعة فيها. فقالت له : اختر لي أنت؟ فاختار لها الحسن بن علي (ع) وزوجها منه ، وانصرف إلى معاوية بالمال. ولما بلغت معاوية القصة ، عتب على أبي هريرة ، فردّ عليه : المستشار مؤتمن.
هذا كلُّ ما في عيبة المؤرخين الامناء على تسجيل الحقائق كما وقعت ومن المؤسف عدم تحفظهم عن الطعن بكرامة المسلمين والتأمل في هذه الاُسطورة لا يعدوه الاذعان بأن الغاية منها هو النيل من ابني رسول الله صلى الله عليه وآله ، الإمامين على الاُمّة «إن قاما وإن قعدا» ؛ لعل مَن يبصر الأشياء على علاتها من دون تمحيص وقد وجد من انطلت عليه هذه الاكذوبة ، فرمى أب محمّد الحسن (ع) بما تسيخ منه الجبال ، بالاعتذار عن كثرة الزوجات للحسن أن الطلاق بالثلاث شائع ، وأنهم لم يجدوا محللاً صادقاً بأن يتزوج المرأة على الدوام ثم يطلقها إلا الحسن (ع) وما أدري بما يعتذر يوم يقول له (أبو محمّد) (ع) : على أي استناد وثيق هتكتني ، ولم تتبصر؟.
(١) خطط المقريزي ٣ ص ٢٨٤.
(٢) تاريخ الطبري ٦ ص ٢٦٧.