ملك : برهان الدين الحلبي (١) ، والسهيلي (٢) ، وابن سيد الناس (٣) ، والسيوطي (٤) ، والزرقاني (٥).
وعلى طبق هذه الأحاديث المعربة عن مقام الرسول الاعظم (ص) من المولى تعالت آلاؤه ؛ سجل الشيخ الصدوق اعتقاده في الوحي والغشية (٦) ، كما لم يتباعد عنه الشيخ المفيد فيقول : الوحي ، منه ما يسمعه النبي (ص) من غير وساطة ، ومنه ما يسمعه بوساطة الملائكة (٧). واقتص أثره الحجة الشيخ محمّد تقي الاصفهاني ، المعروف بـ (آقا نجفي) ، مع زيادة علم النبي (ص) بالقرآن ، وبما حواه من المعارف والفنون ، وما اشتمل عليه من أسرار الطبائع وخواص الأشياء قبل أن يوحى به إليه ، غاية الأمر عرّفه المولى جلَّ شأنه ألا يفيض هذا العلم قبل أن يوحي به إليه ، فقال سبحانه : (وَلاَ تَعْجَلْ بِالْقُرْآنِ مِنْ قَبْلِ أَنْ يُقْضَى إِلَيْكَ وَحْيُهُ) (٨) ، ولولا وقوف النبي (ص) على ما حواه الكتاب المجيد من الأسرار والمعارف ، لما كان للنهي عن بيان ما فيه معنى. فظهر أن علم النبي (ص) بالحوادث الكائنة والتي كانت وتكون ، لم يتوقف على نزول جبرئيل عليه ؛ لأن المنحة الالهية المباركة أوقفته على جمع الحقائق قبل خلق جبرئيل.
ومن هنا تتجلى ظاهرة اُخرى لم يدركها من لم يفقه ما تحلّت به هذه الشخصيات من مراتب الجلال والجمال ؛ وهي معرفة الرسول الاعظم بالقراءة والكتابة على اختلاف انحاء اللغات ، وتباين الخطوط قبل البعثة وبعدها ؛ لبلوغه اسمى درجات الكمال ، فلا تفوته هذه الصفة ، مع أن اللازم من عدم معرفته بها ؛ رجوعه إلى غيره فيما يحتاج اليه من كتابة وقراءة ، فيكون مفضولاً بالنسبة اليه ، مع أنه الفاضل في المحامد كلها. وبهذا الذي قلناه اذعن المحققون من الاعلام (٩) وآية
__________________
(١) السيرة الحلبية ١ ص ٢٩٤ باب بدء الوحي.
(٢) الروض الاُنف ١ ص ١٥٤.
(٣) عيون الاثر ١ ص ٩٠.
(٤) الخصائص الكبرى ٢ ص ١٩٣.
(٥) شرح الزرقاني على المواهب اللدنية ١ ص ٢٢١ ط ١.
(٦) الاعتقادات للصدوق (ملحق بالباب الحادي عشر للعلامة).
(٧) شرح الاعتقادات ص ٢١١ ملحق بمقالات المفيد ط طهران.
(٨) العنايات الرضوية ص ٥١.
(٩) نص عليه الشيخ المفيد في المقالات ص ١٢٣ ، والشيخ الطوسي في التبيان ٢ ص ٤٢٣ ، والمبسوط ، وهو