عن عبد الله بن عمر بن الخطاب أنّه قال : ما وجدت في نفسي من شيء من أمر هذه الآية : (فَقَاتِلُوا التِي تَبغِي حَتّى تَفِيءَ إِلى أَمْرِ اللّه) إلا أنّي لمْ اُقاتل هذه الفئة الباغية كما أمرني الله تعالى (١).
وحكى الحاكم النيسابوري عن أبي بكر محمّد بن إسحاق بن خزيمة ، أنّه قال : عهدت مشايخنا يقولون : إنّا نشهد بأنّ كلَّ مَن نازع أمير المؤمنين علي بن أبي طالب في خلافته ، فهو باغ. وبه قال ابن ادريس (٢).
وقال أبو منصور عبد القاهر البغدادي ، المتوفى سنة (٤٢٩) : أجمع أهل الحقِّ على صحّة إمامة عليّ (ع) وقت انتصابه لها بعد قتْل عثمان ، وأنّه كان محقّاً مصيباً في التحكيم ، وفي قتال أصحاب الجمل ، وأصحاب معاوية بصفّين (٣).
وقال أبو إسحاق إبراهيم بن علي الشيرازي الفيروز آبادي ، المتوفى سنة (٤٧٦) : إذا خرجتْ على الإمام طائفةٌ من المسلمين ، ورأت خلعه بتأويل ، أو منعت حقّاً توجّه عليها بتأويل ، وخرجتْ عن قبضة الإمام ، وامتنعتْ عليه بمنعة ، قاتلها الإمام ؛ لقوله عزّ وجلّ : (فَإِنْ بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الأُخْرَى فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي) ؛ ولأنّ أبا بكر قاتل مانعي الزكاة ، وقاتل عليّ أهل البصرة يوم الجمل ، وقاتل معاوية بصفّين ، وقاتل الخوارج بالنهروان (٤). وظاهره أنّ قتال علي (ع) لهؤلاء بحقٍّ ؛ لأنّه إمام حقٍّ وجبت بيعته في أعناقهم ، وخروجهم عن طاعته ـ وإن كان بتأويل ـ لا يبرّر عملهم.
وقال إمام الحرمين الجويني ، المتوفى سنة (٤٧٨) : كان علي بن أبي طالب إماماً حقّاً في توليته ، ومقاتلوه بغاة (٥).
وقال علاء الدِّين الكاساني الحنفي ، المتوفى سنة (٥٨٧) : قاتل سيّدنا عليٌ أهل حروراء بالنّهروان بحضرة الصحابة ؛ تصديقاً لقوله (ص) لسيّدنا علي (ع) : «إنّك تقاتل على التأويل كما تقاتل على التنزيل» ، والقتال على التأويل هو
__________________
(١) المستدرك ٢ ص ٤٦٣.
(٢) معرفة علوم الحديث ص ٨٤.
(٣) اُصول الدين ص ٢٨٦ ـ ٢٩٢.
(٤) المهذّب في الفقه الشافعي ٢ ص ٢٣٤ ط مصر ص ١٣٤٣ .
(٥) الإرشاد في اُصول الإعتقاد ص ٤٣٣.