ان اسمي هدف للمنطقي وأقصي مقصد له (مباحث الحجة) أي مباحث المعلوم التصديقي الذي يستحدم للتوصل الى معرفة المجهول التصديقي. أما ما تقدم من الابواب فکلها في الحقيقة مقدمات لهذا المقصد حتي مباحث المعرف لان المعرف انما يبحث عنه ليستعان به على فهم مفردات القضية من الموضوع والمحمول.
و(الحجة) عندهم عبارة عما يتألف من قضايا يتجه بها الى مطلوب يستحصل بها وانما سميت (حجة) لانه يحتج بها على الخصم لاثبات المطلوب وتسمي (دليلا) لانها تدل على المطلوب وتهيئتها وتأليفها لاجل الدلالة يسمي (استدلالا).
ومما يجب التنبيه عليه قبل کل شيء : ان القضايا ليست کلها يجب أن تطلب بحجة والا لما انتهينا الى العلم بقضية أبدا بل لا بد من الانتهاء الى قضايا بديهية ليس من شأنها ان تکون مطلوبة وانما هي المباديء للمطالب وهي رأس المال للمتجر العلمي.
من منا لم يحصل له العلم بوجود النار عند رؤية الدخان ومن ذا الذي لا يتوقع صوت الرعد عند مشاهدة البرق في الحساب؟ ومن ذا الذي لا يستنبط أن النوم يجم القوي وأن الحجر يبتل بوضعه في الماء وان السکينة تقطع الاجسام الطرية؟ وقد نحکم على شخص بأنه کريم لانه يشبه في بعض صفاته کريما نعرفه أو نحکم على قلم بأنه حسن لأنه يشبه قلما جربناه ... وهکذا الى آلاف من أمثال هذه الاستنتاجات تمر علينا کل يوم.