وانما الذي يحتاج اليه قبل المخاصمة والمجادلة أن يعد المواضع لاستنباط المشهورات التي تنفعه عند المخاصمة. واعداد هذه المواضع في هذه الصناعة يتوقف على تفصيل المحمولات حسب تلک الاقسام ليعرف لکل محمول ما يناسبه من المواضع.
وعليه فالمواضع منها ما يخص الحد مثلا فينظر لاجل اثباته في انه يجب أن يکون موجودا لموضوعه وانه مساوله وانه واقع في طريق ما هو وانه قائم مقام الاسم في الدلالة على الموضوع.
ومنها ما يخص الخاصة فينظر لاجل اثباتها في انها يجب ان تکون موجودة لموضوعها وانه مساوية له وانه غير واقعة في طريق ما هو ... وهکذا باقي اقسام المحمولات.
فتکون المواضع على ما تقدم اربعة اصناف :
ثم ان هناک مواضع عامة للاثبات والابطال لا تخص أحد المحمولات الأربعة بالخصوص وتنفع في جميع المحمولات. وتسمي (مواضع الاثبات والإبطال). فيضاف هذا الصنف الى الاصناف السابقة فتکون خمسة.
ثم لاحظوا ان کثيرا ما يهم الجدلي اثبات ان هذا المحمول أشد من غيره أو أضعف او اولي وغير اولي. وهذا انما يصح فرضه في الاعراض الخاصة لانها هي التي تقبل التفاوت. فزادوا صنفا سادسا وسموه (مواضع الأولي والآثر) ثم لاحظوا أنه قد يتوجه نظر الجدلي الى بحث آخر وهو اثبات الاتحاد بين الشيئين اما بحسب الجنس او النوع او العارض أو الوجود فسموا المواضع في ذلک (مواضع هو هو).
وعلى هذا فتکون المواضع سبعة وتفصيل هذه المواضع يحتاج الى فن مستقل لا تسعه هذه الرسالة المختصرة. على ان کل مجادل مختص بفن کالفقيه والمتکلم والمحامي والسياسي لا بد أن يتقن فنه قبل ان يبرز الى الجدال فيطلع على ما فيه من مشهورات ومسلمات وما يقتضيه من المشهورات. فلا تکون له کبير حاجة الى معرفة المواضع في علم المنطق وتخصيرها من طريقه.