واما باقي الاشياء غير الانسان فکمالها بحصول الصفات المطلوبة لمثلها وقد قلنا لکل شيء جمال وقبح بحسبه فکمال الدار مثلا وجمالها باشتمالها على المرافق المحتاج اليها وسعتها وجدة بنائها وملاءمة هندستها للذوق العام وهکذا. وکمال المدنية مثلا وجمالها بسعة شوارعها وتنسيقها ونظافتها وکثرة حدائقها وتهيئة وسائل الراحة فيها والأمن وحسن مائها وهوائها وجدة بناء دورها ... وهکذا.
وعلى الخطيب بالاضافة الى ذلک ان يکون قادرا على مدح ما هو قبيح بمحاسن قد يظن الجمهور أنها مما يستحق عليها المدح والثناء مثل ان يصور فسق الفاسق بانه من باب لطف المعاشرة وخفة الروح. ويصور بلاهة الابله أنها بساطة نفس وصفاء سريرة وقلة مبالاة بأمور الدنيا واعتباراتها. ويصور متتبع عورات الناس الهماز الغماز بانه محب للصراحة أو انه لا تأخذه في سبيل قول الحق لومة لائم. ويصور الحاکم المرتشي بأنه يسهل بالرشوة أمور الناس ويقضي حوائجهم ...
وهکذا يمکن تحوير کثير من الرذائل والنقائص الى ما يشبه أن يکون من الفضائل والکمالات في نظر الجمهور. وکذلک على العکس يمکن تحوير جملة من الفضائل الى ما يشبه ان يکون من الرذائل والنقائص في نظر الجمهور کوصف المحافظ على دينه بانه جاف متزمت أو رجعي خرافي أو وصف الشجاع بأن مجنون متهور أو وصف الکريم بأنه مسرف مبذر ... وهکذا. والکثير من هذا يحتاج الى حذلقة وبعد نظر.
واذ عرفت وجوه مقتضيات المدح يمکن ان تعرف بمناسبتها وجوه مقتضيات الذم لانها اضدادها.
ـ ٣ ـ
الانواع المتعلة بالمشاجرات
تقدم معني المشاجرات من انها تتعلق بالحاصل سابقا. وذلک لبيان ما حدث کيف حدث؟ هل حدث على وجه جميل ممدوح أو على وجه مذموم؟
فتکون المشاجرة شکراً أو شکاية أو اعتذاراً أو ندما واستغفاراً.