.................................................................................................
______________________________________________________
وأمّا رواية السكوني فلو سلّمنا أنّ لفظ الصدقة ظاهر في الإنفاق على الفقراء ، ولم نقل بأنّه موضوع للمعنى الجامع ، وهو كلّ عمل أو مال يتقرّب به إلى الله تعالى الشامل للخمس المصطلح ، بل قد ذكر شيخنا الأنصاري على ما حكاه عنه المحقّق الهمداني (قدس سره) أنّ لفظ الصدقة قد أُطلق على الخمس في كثير من الأخبار على ما قيل (١) ، وإن لم تحضرنا من ذلك ولا رواية واحدة.
وكيفما كان ، فلو سلّمنا الظهور المزبور فلا ينبغي الشّك في لزوم رفع اليد عنه تجاه الرواية الأُولى ، لأقوائيّة ظهورها بحيث كادت تلحقه بالصراحة كما عرفت.
وبالجملة : الأمر دائر بين رفع اليد عن أحد الظهورين ، ولا ينبغي الريب في أنّ الأوّل أقوى ، فتحمل الصدقة على المعنى اللغوي العام الشامل لمصرف الخمس أيضاً.
والذي يؤكِّده ذيل هذه الرواية ، حيث قال (عليه السلام) : «فإنّ الله قد رضي من الأشياء بالخمس» ، فإنّا لم نعهد مورداً أوجب الله فيه الخمس ما عدا هذه الموارد المعهودة من الغنائم والكنوز والمعادن ونحوها ، فكأنه (عليه السلام) أراد تطبيق كبرى الخمس على هذا المورد أيضاً ، فيكون المراد من الخمس هنا ذاك الخمس المقرّر المجعول في الشريعة المقدّسة الذي رضي الله به في موارده الخاصّة ، فهذا الذيل قرينة واضحة على استظهار إرادة الخمس المصطلح ، ولا أقلّ من صلوحه للقرينيّة بحيث ينثلم معه ظهور لفظ الصدقة ، ولأجله تصبح الرواية الأُولى بلا معارض ، فيكون الخمس هنا كالخمس في بقيّة الأقسام كما عليه المشهور ، وإن كان كلام جماعة من القدماء خالياً عن ذلك ، ولأجله احتمل بعض المتأخّرين أنّهم لم يلتزموا بذلك ، ومنهم صاحب المدارك ، حيث
__________________
(١) مصباح الفقيه ١٤ : ١٥٤ ، وهو في كتاب الخمس : ٢٥٨.