.................................................................................................
______________________________________________________
وبعبارة اخرى : قد يفرض الاحتياج ولكنّه لا يختصّ بهذه السنة بل في السنة اللاحقة أيضاً يصرف في الحاجة ، وأُخرى يستغنى عنه بعد ذلك كما في حليّ النِّساء.
ومقتضى البَعديّة في قوله (عليه السلام) : «الخمس بعد المئونة» أنّ تشريع الخمس إنّما هو بعد استثناء المئونة ، نظير بَعديّة الإرث بالإضافة إلى الوصيّة والدين في قوله تعالى (مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِي بِها أَوْ دَيْنٍ) (١) ، فكما لا إرث إلّا بعد إخراج الأمرين فكذلك لا خمس إلّا بعد إخراج المئونة.
ومن الظاهر أنّ بقاءها بعد انقضاء السنة أو عدم البقاء لا مدخل له في هذا الاستثناء بعد فرض صدق المئونة ، فإنّ المتعارف خارجاً تملّك جملة من الأُمور المحتاج إليها في الإعاشة حتى دار السكنى ، إذ الاقتصار على الإيجار يعدّ عرفاً نوعاً من الاضطرار ، فضلاً عن مثل الألبسة والظروف والفروش ونحوها ممّا لا شكّ في تعارف ملكيّتها لا مجرّد الانتفاع بها بإجارة أو عارية ونحوها ، ومن المعلوم جريان العادة على بقاء هذه الأُمور غالباً وعدم استهلاكها في سنة واحدة. وهذا كما عرفت لا يمنع عن الاستثناء.
على أنّ موضوع الخمس وهو الفائدة والغنيمة بالمعنى الأعمّ ظاهر في الحدوث ، بل لا بقاء لها وإنّما الباقي المال. وأمّا الإفادة فهي أمر حادث تقع في كلّ ربح مرّة واحدة من غير تكرّر. فإذا بقيت العين بعد السنة وخرجت عن الحاجة والمؤنيّة كالحليّ للنسوان أو بعض الكتب لأهل العلم فليست هناك إفادة جديدة ولم تحدث فائدة ثانية ليتعلّق بها الخمس ، فحينما حدثت الإفادة لم يجب الخمس على الفرض ، لأنّها كانت آن ذاك من المئونة ولا خمس إلّا بعد
__________________
(١) النِّساء ٤ : ١١.