.................................................................................................
______________________________________________________
إلى أنّ المناط في جواز التصدّق بالمال عن مالكه ليس هو الجهل بالمالك ، بل عدم إمكان إيصاله إليه ، سواء أعلم به أم جهل ، كما هو مورد بعض نصوصه ، مثل : ما ورد في الرفيق في طريق مكّة من التصدّق عنه لمجرّد الجهل بمكانه وإن كان عارفاً شخصه بطبيعة الحال ، فيكون التصدّق عنه حينئذٍ نوعاً من الإيصال إليه ، فإنّه وإن لم يصل إليه عين المال إلّا أنّه وصل إليه ثواب التصدّق به. وسهم الإمام (عليه السلام) من هذا القبيل ، حيث إنّه (عليه السلام) وإن كان معلوماً عنواناً ويعرف باسمه ونسبه لكنّه مجهول بشخصه ، فلا يعرفه المكلّف وإن رآه فضلاً عمّا إذا لم يره ، فلا يمكنه إيصال المال إليه.
ثانيهما : أن يصرف في موارد يحرز فيها رضا الإمام (عليه السلام) قطعاً أو اطمئناناً بحيث كان الصرف في تلك الجهة مرضيّاً عنده ، كالمصالح العامّة ، وما فيه تشييد قوائم الدين ودعائم الشرع المبين وبثّ الأحكام ونشر راية الإسلام التي من أبرز مصاديقها في العصر الحاضر إدارة شؤون الحوزات العلميّة ومئونة طلبة العلوم الدينيّة.
وهذا هو الصحيح ، فإنّ الوجه الأوّل وإن كان وجيهاً في الجملة وأنّ ما لا يمكن فيه الإيصال يتصدّق به فإنّه نوع من الإيصال ، إلّا أنّه لا إطلاق لدليله يشمل صورة وجود مصرف يحرز رضا المالك بالصرف فيه ، فإنّ حديث الرفيق في طريق مكّة قضيّة في واقعة ومنصرف عن هذه الصورة بالضرورة.
فلو فرضنا أنّا أحرزنا أنّ المالك المجهول كان عازماً على صرف هذا المال في مصرف معيّن من عمارة المسجد أو بنائه المدرسة أو إقامة التعزية فإنّه لا يسعنا وقتئذٍ الصرف في التصدّق ، إذ بعد أن كان له مصرف معيّن والمالك يرضى به فالتصدّق بدون إذن منه ولا من وليّه فإنّ وليّه الإمام (عليه السلام)