كافة القوم وكان عالما بعواقب الامور غير شاك في المصالح يرى الموادعة والمهادنة والرقود المسالمة إلى انقضاء المدة التي يعلم صواب التدبير فيها بذلك فامتنع (ع) من التحمل للدفاع عن حصره وقتله بمثل ما امتنع من دفاع المتقدمين عليه في الامر وذلك لشيئين معروفين احدهما عدم الانصار له على مراده في ذلك والثاني لوخيم العاقبة في المباينة للجمهور ولما تقتضي الحرب وتوقع الفتنة وقد دفع عليه السلام عنه بالقول في أحوال اقتضت المصلحة دفاعه عنه وأمسك عن الانكار لما كان القوم عليه والرأى في حصره وخلعه وقتله لما عرف من جميل العاقبة في ذلك ولو لم يكن (ع) مستودعا علم ذلك كما تذهب إليه الشيعة فيه لكانت مشاهدته للحال ودلائلها تكفيه وتقنعه فيما صنع وراده في الاحوال والاختلاف بين ذو العقول فان الشاهد يرى ما لا يراه الغائب فعمل عليه السلام في اختلاف الاقول منه والافعال على علمه بعواقب الامور وشاهد الحال فلذلك التبس الامر على الجمهور في رأيه (ع) في عثمان وقاتليه فنسبه بعض الناس إلى الرضا بما صنعه القوم بعثمان ونسبه آخرون إلى المواطاة عليه والتأليب ونسبه آخرون إلى الهوى في ذلك والتقصير فما كان يجب عليه لعثمان ونسبه آخرون إلى الكرهة لما أجرى القوم في حصر عثمان فادعوا أنه كان له مواليا وبأعماله راضيا ولكن العجز عن نصرته أقعده عنها ثم أكد الشبهة عليهم فيما ذكرناه من اختلاف الاعتقاد في ذلك ما قدمنا في ذكره من أفعاله (ع) المختلفة مع عثمان تارة ينكر عليه ما أنكره المسلمون وتارة يدفع عنه وينهي عن قتله القاصدين إلى ذلك من اهل الامصار ، وتارة ينكر على من منعه الماء ويغلظ لذلك ويغضب من خلافه فيه وتارة يجلس في بيته وهو يرى الناس يهرعون إلى قتله وترك الاجتهاد في طلب دمه فلا يكون منه وعظ في ذلك ولا تخويف بالله عزوجل في ذلك وهو