ونحن نشفع ذلك بأسباب فتنة البصرة على ما بطن منها عن كثير من الناس وظهر منها للجمهور ونورد بعد هذا الباب الذى ذكرناه الاخبار الواردة بصورة الامر في القتال وكيفية ما جرى فيه على ترتيب ذلك في مواضعه المقتضية لذكره فيها ونأتى به على الترتيب والنظام إن شاء الله تعالى.
الناكثان :
فصل : فأن ظاهر الفتنة بالبصرة فهو ما أحدثه طلحة والزبير من نكث البيعة التى بذلاها لامير المؤمنين (ع) طوعا واختيارا وإيثارا وخروجهما عن المدينة إلى مكة على اظهار منهما ابتغاء العمرة فلما وصلاها اجتمعا مع عائشة وعمال عثمان الهاربين بأموال المسلمين إلى مكة طمعا فيما احتجبوه منها وخوفا من أمير المؤمنين (ع) واتفاق رأيهم على الطلب بدم عثمان والتعلق عليه في ذلك بانحياز قتلة عثمان وحاصريه وخاذليه من المهاجرين والانصار وأهل مصر والعراق وكونهم جندا له وأنصارا واختصاصهم به في حربهم منه ومظاهرته لهم بالجميل وقوله فيهم الحسن من الكلام ; وترك إنكار ما صنعوه بعثمان والاعراض عنهم في ذلك ، والمصيب معهم في جنده إلى ما ذكرناه وشبهوا بذلك على الضعفاء واغتروا به السفهاء وأوهموهم بذلك لظلم عثمان والبراءة من شئ يستحق به ما صنع به القوم من إحصاره وخلعه والمنازعة إلى دمه فأجابهم إلى مرادهم من الفتنة ممن استغووه بما وصفناه وقصدوا البصرة لعلمهم أن جمهور أهلها من شيعة عثمان وأصحاب عامله وابن عمه كان بها وهو عبد الله بن كريز بن عامر وكان ذلك منهم ظاهرا وباطنا بخلافه كما تدل عليه الاخبار ويوضح عن صحة الحكم به الاعتبار ألا ترى أن طلحة والزبير وعائشة باجماع العلماء بالسير والآثار هم الذين