بالنظر والاعتبار وتخرج بذلك من التقليد الموبق لصاحبه ولتظفر بالحق ويزول عنك الاشتباه الذى التبس عليك أمره فيما كان هناك وأجبتك إلى ما سألت معتصما بالله عزوجل وسائلا لك التوفيق والرشاد وبالله أستعين.
(القول في اختلاف الامة) في فتنة الجمل وأحكام القتال فيها :
أما المتولون للقتال في هذه الفتنة فقد أنبانا عملهم فيها عن اعتقادهم ودلت ظواهرهم في ذلك على بواطنهم فيه إذ العلم يحيط بأن أمير المؤمنين عليا (ع) وولده وأهله من بني هاشم وأتباعه من المهاجرين والانصار وغيرهم من المؤمنين لم يسلكوا فيما باشروه من الحرب وسعوا فيه من القتل واستباحة الدماء طريق المجرمين ، لذلك الطالبين به العاجل ، والتاركين به ثواب الآجل ، بل كان ظاهرهم في ذلك ، والمعلوم من حالهم ، وقصدهم التدين والقربة إلى الله تعالى بعملهم ، والاجتهاد فيه وان تركه والاعراض عنه موبق من الاعمال والتقصير فيه موجب لاستحقاق العقاب.
ألا ترى إلى ما أشتهر من قول أمير المؤمنين (ع) وقد سئل عن قتاله للقوم (لم أجد الا قتالهم أو الكفر بما أنزل الله على محمد صلى الله عليه وآله).
وقول عمار بن ياسر رحمه الله : أيها الناس والله ما أسلموا ولكنهم أستسلموا وأسروا الكفر فلما وجدوا له أعوانا أظهروه (١) في أمثال هذين القولين من جماعة جلة من شيعة أمير المؤمنين (ع) يطول بشرحها الكتاب فهم يلائم معاني كلامهم في ذلك ظواهر فعالهم. والمعلوم من قصودهم وهذا ما لا مزيد فيه بين العلماء ، وانما يشتبه الامر فيه على الجهلاء الذين لم يسمعوا الاخبار ، ولا اعتبروا بتأمل الآثار.
وكذلك الامر محيط بأن ظاهر عائشة وطلحة والزبير وكثير ممن
__________________
(١) نصر بن مزاحم في كتاب صفين ص ٢٤٣ ط مصر.