الفاسقين عمل كل فريق منهم على التحرز منه واحتال في الكيد له واجتهد في تفريق الناس عنه فسار القوم من كل مكان إلى مكة استعاذة بها وسكنوا إلى ذلك المكان وعائشة بها وطمعوا في تمام كيدهم لامير المؤمنين للحيز إليها والتمويه على الناس بها وكانت عائشة يقدرها كثير من الناس لمكانها من النبي صلى الله عليه وآله وانها من امهات المؤمنين وابنة أبى بكر المعظم عند الجمهور وان كل عدو لعلي بن ابى طالب (ع) يلتجؤ إليها متى اظهرت المباينة له ودعت إلى حربه وافساد أمره فلما تواترت الاخبار عليها وهي بمكة وتحيزها عن عثمان لقتل المسلمين له قبل أن تعرف ما كان من امر المسلمين بعده عمدت على التوجه إلى المدينة راجية بتمام الامر بعد عثمان لطلحة والزبير زوج اختها فلما صارت ببعض الطريق لقيت الناعي لعثمان فاستبشرت بنعيه له وما كان من امر الناس في اجتماعهم على قتله ثم استخبرت عن الحال بعده فأخبرت ان البيعة تمت لامير المؤمنين بعده وان المهاجرين والتابعين لهم باحسان وكافة اهل الايمان اجتمعوا على تقديمه والرضاء به فساءها ذلك وأحزنها وأظهرت الندم على ما كان منها في التأليب على عثمان والكراهة لتمام الامر لعلي بن ابي طالب فأسرعت راجعة إلى مكة فابتدأت بالحجر فتسترت فيه ونادى مناديها باجتماع الناس إليها فلما اجتمعوا تكلمت من وراء الستر تدعوا إلى نصرة عثمان وتنعاه إلى الناس وتبكيه وتشهد انه قتل مظلوما وجاءها عبد الله بن الحضرمي عامل عثمان على مكة فقال قرت عينك قتل عثمان وبلغت ما أردت من أمره فقالت سبحان الله أنا طلبت قتله انما كنت عاتبة عليه من شئ ارضاني فيه (١)
__________________
(١) في تاريخ اليعقوبي (ج ٢ ـ ص ١٥٢) ط النجف كان بين عثمان وعائشة منافرة وذلك انه نقصها مما كان يعطيها عمر بن الخطاب وصيرها اسوة غيرها من نساء رسول الله وان عثمان ليخطب في ـ