وكانوا قوما من الزط ووضعوا فيهم السيف من أربع جوانبهم فقتلوا أربعين رجلا منهم صبرا ، يتولى منهم ذلك الزبير خاصة ، ثم هجموا على عثمان فأوثقوه رباطا وعمدوا إلى لحيته وكان شيخا كث اللحية فنتفوها حتى لم يبق منها شئ ولا شعرة واحدة وقال طلحة عذبوا الفاسق وانتفوا شعر حاجبيه واشفار عينيه وأوثقوه بالحديد.
فلما اصبحوا اجتمع الناس إليهم وأذن مؤذن المسجد لصلاة الغداة فرام طلحة ان يتقدم للصلاة بهم فدفعه الزبير وأراد أن يصلي بهم فمنعه طلحة فما زالا يتدافعان حتى كادت الشمس ان تطلع فنادى اهل البصرة الله الله يا أصحاب رسول الله في الصلاة نخاف فوتها (١).
فقالت عائشة : مروا أن يصلى بالناس غيرهما فقال لهم يعلى بن منبه يصلى عبد الله بن الزبير يوما ومحمد بن طلحة يوما حتى يتفق الناس على أمير يرضونه فتقدم ابن الزبير وصلى بهم ذلك اليوم.
وبلغ حكيم بن جبلة العبدى ما صنع القوم بعثمان بن حنيف وقتلهم السبابجة الصالحين خزان بيت مال المسلمين فنادى في قومه يا قوم انفروا إلى هؤلاء الضالين الضالمين الذين سفكوا الدم الحرام وفعلوا بالعبد الصالح واستحلوا ما حرم الله عزوجل فأجابه سبعماءة رجل من عبد قيس وأتوا المسجد واجتمع الناس إلى حكيم بن جبلة فقال للقوم أما ترون ما صنعوا بأخي عثمان بن حنيف ما صنعوا؟ لست بأخيه ان لم أنصره ثم رفع يديه إلى السماء وقال : اللهم ان طلحة والزبير لم يريدا بما عملا القربة منك وما أرادا إلا الدنيا اللهم اقتلهما بمن قتلا ولا تعطهما ما أملا ثم ركب فرسه وأخذ بيده الرمح واتبعه أصحابه واقبل طلحة والزبير
__________________
(١) ابن الاثير (ج ٣ ـ ص ٨١) والتفت ايها النابه إلى الغاية المقصودة لهما وإلا فما هذا النزاع ان كانا يطلبان الحقيقة وما عشت اراك الدهر عجبا.