فلما سمع شرحسا ذلك أنفذ إلى عبد الله بن الزبير وكان عند طلحة فدعاه فأقبل سريعا حتى دخل علينا.
فقال يا ابن عباس دع بنيات الطريق بيننا وبينكم عهد خليفة ودم خليفة وانفراد واحد واجتماع ثلاثة وام مبرورة ومشاورة العامة.
فأمسكت ساعة لا اكلمه ثم قلت لو اردت ان اقول لقلت فقال ابن الزبير ولم تؤخر ذلك؟ وقد لحم الامر وبلغ السيل الزبى قال ابن عباس فقلت ما قولك عهد خليفة فان عمر جعل الشورى إلى ستة نفر فجعل النفر امرهم إلى رجل منهم يختار لهم منهم ويخرج نفسه منها فعرض الامر على علي فحلف عثمان وأبى علي ان يحلف فبويع عثمان فهذا عهد خليفة واما دم خليفة فدمه عند ابيك لا يخرج ابوك من خصلتين اما قتل واما خذل واما الانفراد واجتماع ثلاثة فان الناس لما قتلوا عثمان فزعوا إلى علي فبايعوه طوعا وتركوا اباك وصاحبه ولم يرضوا بواحد منهما واما قولك ان معكم اما مبرورة فان هذه الام انتما اخرجتماها من بيهتا وقد امرها الله تعالى ان تقر فيه فأبيت ان تدعها وقد علمت انت وابوك ان النبي صلى الله عليه وآله حذرها من الخروج وقال لها يا حميرا إياك ان تنبحك كلاب الحوأب (١) وكان منها ما قد رأيت وأما دعواك مشاورة العامة فكيف يشاور فيمن قد اجتمع عليه وانت تعلم ان اباك وطلحة بايعا طائعين غير كارهين فقال ابن الزبير الباطل والله ما تقول يا ابن عباس وقد سئل عبد الرحمن بن عوف عن اصحاب الشورى فكان صاحبكم اخيبهم عنده وما ادخله عمر في الشورى إلا وهو يقرفه ولكنه خاف فتقه في الاسلام واما قتل خليفة فصاحبك كتب إلى الآفاق حتى قدموا عليه ثم قتلوه وهو في داره بلسانه ويده وانا معه في الدار اقاتل دونه حتى جرحت بضعة عشر جرحا واما قولك ان عليا بايعه الناس
__________________
(١) ابن حجر في تطهير الجنان بها مس الصواعق المحرقة ص ١٠٨