فلما علم الرجلان ذلك ووضح لهما ما ذكرناه في معانيه ولم يكونا ممن يخيل عليهما فساد الدعوى لما ادعياه وقصورهما عن غرضهما فيه : عدلا إلى التظاهر بطلب دم عثمان وزعما ان الذى كان منهما قد بانا منه وادعيا ان التوبة لا تصلح أن تتم لهما إلا ببذل الجهد في طلب قاتليه والاقتصاص من ظالميه فاشتبه الامر بما سارا إليه مما ذكرناه عنهما على المستضعفين واستغويا به كثيرا من العامة البعداء عن فقه الدين وسلكت عائشة في خلافها لامير المؤمنين (ع) مسلكها في ذلك فتظاهرت به من الطلب بدم عثمان والاقتصاص من قاتله ومعلوم في شريعة المسلمين ان ذلك ليس لهما ولا اليهما وانهما فيما تكلفاه منه على شبهة باطلة عند الناظرين لانهما لم يكونا أولياء لدم عثمان ولا بينه وبينهما نسب يسوغهما للتخاصم في دمه.
المرأة والحجاب :
ولا إلى النساء أيضا الدخول في شئ من ذلك على وجه من الوجوه إذ ليس عليهن جهاد ولا لهن أمر ولا نهى في البلاد والعباد مع ما خص به الله أزواج النبي في الحكم المضاد ولما صنعته هذه المرأة وتبينت فيه بالخلاف فيه للدين وقص الله تعالى في محكم التنزيل حيث يقول جل إسمه : (يا أيها النبي قل لازواجك وبناتك ونساء المؤمنين يدنين عليهن من جلابيبهن ذلك أدنى أن يعرفن) وفرض عليهن سبحانه التحصن والتجلبب ولا يتعرفن إلى أحد فجاء بضد ذلك من التبرج وهتك الحجاب واطراح الجلباب وإظهار الصورة وابداء الشخص والتهتك بين العامة فيما لا عذر لها فيه مع ما ارتكبته من قتال ولي الله الذى فرض عليها إعظامه وإجلاله وأوجب عليها طاعته وحرم عليها معصيته وسفكت فيما صنعت دماء المؤمنين وأثارت الفتنة التى شانت بها المسلمين وأنى يواطئ ذلك ما أمرها الرسول به في الحديث المشهور