المداحين فاحثوا في وجوههم التراب وقد رأيت هؤلاء يتقربون بالاباطيل اليك ويمدحونك بما ليس فيك فقال عثمان كذبت فهو إذا يكذبه ويغلظ له في القول وأبو ذر يخاصمه إذ دخل أمير المؤمنين فقال له عثمان يا علي أما ترى هذا الكذاب كيف يكذب على رسول الله فقال له علي إنزل له يا عثمان فيما قال بمنزلة مؤمن آل فرعون قال الله تعالى (إن يك كاذبا فعليه كذبه وإن يك صادقا يصبكم بعض الذى يعدكم) فغضب عثمان وقال اسكت بفيك التراب فجثا (ع) على ركبتيه ثم قال بل بفيك التراب سيكون (١) ولما حضر الوليد لاقامة الحد عليه أخذ عثمان السوط فألقاه إلى من حضر من الصحابة وقال وهو مغضب من شاء منكم فليقم الحد على أخي فأحجم القوم عن ذلك فنهض أمير المؤمنين (ع) وبيده السوط إلى الوليد فلما رآه الوليد يقصد نحوه ليضربه نهض من موضعه لينصرف فبادر إليه فقبضه وشتمه الوليد فسبه علي (ع) بما كان أهله وتعتعته حتى أثبت إقامة الحد عليه فاستشاط عثمان من ذلك وقال له ليس لك أن تعنفه يا علي ولا لك أن تسبه فقال له عليه السلام بل لي أن أقهره على الصبر على الحد وما سببته إلا لما سبني بباطل وقلت فيه حقا ثم ضربه بالسوط وكان له رأسان أربعين جلدة في الحساب بثمانين فحقدها عليه عثمان.
ولما رود عثمان طريد رسول الله وهو الحكم بن أبى العاص الذى لعنه الله وقد كان نفاه النبي من المدينة إلى الطائف وذلك انه كان يؤذى النبي حتى بلغ من أذاه له انه كان يتسلق على حائط بيته ليراه مع ازواجه فضربه صلى الله عليه وآله وهو متطلع عليه ولما وقعت عيناه في عينه كلح في وجه النبي ثم نزل وكان النبي إذا مشى مشى خلفه الحكم يتخلع في مشيته يحكيه وكان من رسول الله صلى الله عليه وآله التفاتة إليه فقال له كن كما
__________________
(١) راجع تاريخ اليعقوبي (ج ٢ ـ ص ١٤٨) ط النجف.