التقدير : يوم يكشف عن ساق كان كيت وكيت ، فحذف للتهويل البليغ. والمعنى : يوم يشتدّ الأمر ويصعب الخطب ، فإنّ كشف الساق مثل في ظهور اشتداد الأمر وصعوبة الخطب. وأصله : تشمير المخدّرات عن سوقهنّ (١) في الهرب. وتشمير الرجل إذا وقع في أمر عظيم يحتاج إلى الجدّ فيه ، فيشمّر عن ساقه. قال حاتم :
أخو الحرب إن عضّت به الحرب عضّها |
|
وإن شمّرت عن ساقها الحرب شمّرا |
فاستعير عن الساق في موضع الشدّة من غير كشف الساق حقيقة ، كما تقول للأقطع الشحيح : يده مغلولة ، ولا يد ثمّ ولا غلّ ، وإنّما هو مثل في البخل.
وأمّا من شبّه فلقلّة نظره في علم البيان. والّذي غرّه حديث ابن مسعود : «يكشف الرحمن عن ساقه ، فأمّا المؤمنون فيخرّون سجّدا ، وأمّا المنافقون فتكون ظهورهم طبقا طبقا ، كأنّ فيها سفافيد» (٢). ومعناه : يشتدّ أمر الرحمان ويتفاقم هوله ، وهو الفزع الأكبر يوم القيامة. وليس معنى حديثه على ظاهره ، لأنّ هذا موافق لمذهب المشبّهة الّذين كانوا من أعاظم الكفّار والملاحدة. وأيضا على هذا الوجه الظاهر من حقّ الساق أن تعرّف ، لأنّها ساق مخصوصة معهودة عنده ، وهي ساق الرحمن.
أو معنى الآية : يوم يكشف عن أصل الأمر وحقيقته بحيث يصير عيانا.
مستعار من ساق الشجر وساق الإنسان. وتنكيره للتهويل أو للتعظيم. كأنّه قيل : يشتدّ الخطب يوم يقع أمر فظيع هائل وشدّة عظيمة.
(وَيُدْعَوْنَ إِلَى السُّجُودِ) أي : يقال لهم : اسجدوا على وجه التوبيخ على تركهم السجود في الدنيا إن كان اليوم يوم القيامة ، أو يدعون إلى الصلوات إن كان وقت النزع (فَلا يَسْتَطِيعُونَ) لذهاب وقته ، أو زوال القدرة عليه.
__________________
(١) جمع : ساق.
(٢) سفافيد جمع سفّود ، وهي : حديدة يشوى عليها اللحم.