وما بينهما اعتراض مؤكّد لنفي الاستطاعة من نفسه وبيان عجزه. أو من «ملتحدا».
ومعناه : لن أجد من دونه منجا إلّا أن أبلّغ عنه ما أرسلني به. وقيل : «إلّا» بمعنى : إن لا ، أي : إن لا أبلّغ بلاغا. وما قبله دليل الجواب.
وقوله : (وَرِسالاتِهِ) عطف على «بلاغا». كأنّه قيل : لا أملك إلّا التبليغ والرسالات. و «من الله» صفة «بلاغا» لا صلته ، لأنّ صلته «عن» كقوله : بلّغوا عنّي.
والمعنى : إلّا أن أبلّغ بلاغا كائنا من الله ، فأقول : قال الله كذا وكذا ، ناسبا قوله إليه ، وأن أبلّغ رسالاته وأحكامه الّتي أرسلني بها من غير زيادة ولا نقصان.
وقيل : أراد بالبلاغ توحيد الله وعدله ، وما يجوز عليه وما لا يجوز ، إذ الكلام فيه. وأراد بالرسالة ما أرسل لأجله من بيان الشرائع.
ولمّا بيّن سبحانه أنّه لا ملجأ من عذابه إلّا طاعته ، عقّبه بوعيد من قارف معصيته ، فقال :
(وَمَنْ يَعْصِ اللهَ وَرَسُولَهُ) في الأمر بالتوحيد ، إذ الكلام فيه (فَإِنَّ لَهُ نارَ جَهَنَّمَ خالِدِينَ فِيها أَبَداً) جمعه للمعنى.
(حَتَّى إِذا رَأَوْا ما يُوعَدُونَ) في الدنيا ، كوقعة بدر. أو في الآخرة. والغاية لقوله : (يَكُونُونَ عَلَيْهِ لِبَداً) بالمعنى الثاني. أو لمحذوف دلّ عليه الحال ، من استضعاف الكفّار للنبيّ ، وعصيانهم له ، واستقلالهم لعدده. كأنّه قال : لا يزال على ما هم عليه حتّى إذا رأوا ما يوعدون. (فَسَيَعْلَمُونَ مَنْ أَضْعَفُ ناصِراً وَأَقَلُّ عَدَداً) هو أم هم.
ولمّا سمع المشركون (حَتَّى إِذا رَأَوْا ما يُوعَدُونَ) قالوا : متى يكون هذا الموعود؟ إنكارا له ، فقال الله سبحانه :
(قُلْ إِنْ أَدْرِي) ما أدري (أَقَرِيبٌ ما تُوعَدُونَ) متوقّع في كلّ ساعة (أَمْ يَجْعَلُ لَهُ رَبِّي أَمَداً) مهلة وغاية تطول مدّتها. يعني : قل لهم إنّه كائن لا محالة ،