ولكن لا أدري وقته.
(عالِمُ الْغَيْبِ) هو عالم الغيب (فَلا يُظْهِرُ) فلا يطلع (عَلى غَيْبِهِ) أي : على الغيب المخصوص به علمه (أَحَداً) من عباده (إِلَّا مَنِ ارْتَضى مِنْ رَسُولٍ) يعلم بعضه حتّى يكون له معجزة. و «من» بيان لـ «من».
قال صاحب الكشّاف : «معناه : أنّه لا يطلع على الغيب إلّا المرتضى الّذي هو مصطفى للنبوّة خاصّة ، لا كلّ مرتضى. وفي هذا إبطال للكرامات ، لأنّ الّذين تضاف إليهم وإن كانوا أولياء مرتضين ، فليسوا برسل. وقد خصّ الله الرسل من بين المرتضين بالاطّلاع على الغيب وإبطال الكهانة والتنجيم ، لأنّ أصحابهما أبعد شيء من الارتضاء وأدخله في السخط» (١). انتهى كلامه.
والجواب عن إبطال ظهور الكرامات من الأولياء بتخصيص الإظهار على الغيب بما يكون بغير توسّط البشر ، كما هو المتبادر ، أو بتخصيص الرسول بالملائكة.
والمعنى : لا يظهر الغيب أوّلا إلّا على الرسل أو على الملائكة ، وهم يطلعون الأنبياء والأولياء ثانيا بإذنه. فكرامات الأولياء على المغيّبات إنّما يكون تلقّيا من الرسول أو الملائكة ، كاطّلاعنا على أحوال الآخرة بتوسّط الأنبياء. ولا ريب أنّ فشوّ معجزات الأئمّة المعصومين صلوات الله عليهم ، واشتهار كراماتهم بحيث لا ينكرها أحد إلّا أعدى معاديهم وأعند معانديهم ، يهدم أساس هذا الإبطال. وبديهة العقل قاضية على أنّ في قوله : «لا كلّ مرتضى» تعريضا له إلى قدوة الأولياء ومرتضى الأوصياء ، ومظهر العجائب ومظهر الغرائب أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب صلوات الله عليه وآله ، وهذا مستلزم للعناد والبغض. نعوذ بالله من شرور الاعتقادات الفاسدة ، والآراء الباطلة ، والأقوال المضلّة.
__________________
(١) الكشّاف ٤ : ٦٣٢ ـ ٦٣٣.