(لَأَسْقَيْناهُمْ ماءً غَدَقاً لِنَفْتِنَهُمْ فِيهِ) (١). فألقين ذكرا ، أي : تسبّبن له ، فإنّ العاقل إذا شاهد هبوب الرياح ومنافعها ، أو السحائب وآثارها ، ذكر الله تعالى وتذكّر كمال قدرته.
(عُذْراً أَوْ نُذْراً) مصدران لـ : عذر إذا محا الإساءة ، وأنذر إذا خوّف ، كالكفر والشكر. أو جمعان لعذير بمعنى المعذرة ، ونذير بمعنى الإنذار. أو بمعنى العاذر والمنذر. ونصبهما على الأوّلين بالعلّيّة ، أي : عذرا للمحقّين الّذين يعتذرون إلى الله بتوبتهم واستغفارهم ، أو نذرا للمبطلين الّذين يغفلون عن شكر منعهم ويجحدونه.
أو بالبدل من «ذكرا» على أنّ المراد به الوحي ، أو ما يعمّ التوحيد والشرك والإيمان والكفر. وعلى الأخير بالحاليّة ، بمعنى : عاذرين أو منذرين. وقرأهما حمزة وأبو عمرو والكسائي وحفص بالتخفيف.
وجواب القسم (إِنَّما تُوعَدُونَ) أي : إنّ الّذي توعدونه من مجيء القيامة (لَواقِعٌ) كائن لا محالة.
(فَإِذَا النُّجُومُ طُمِسَتْ) محيت ومحقت ذواتها ، أي : ذهب بنورها ، ثمّ تنشر ممحوقة النور.
(وَإِذَا السَّماءُ فُرِجَتْ) صدعت وفتحت فكانت أبوابا.
(وَإِذَا الْجِبالُ نُسِفَتْ) قلعت من أماكنها ، كالحبّ ينسف بالمنسف. ونحوه قوله تعالى : (وَبُسَّتِ الْجِبالُ بَسًّا) (٢) (وَكانَتِ الْجِبالُ كَثِيباً مَهِيلاً) (٣). وقيل : أخذت بسرعة من أماكنها. من : انتسفت الشيء إذا اختطفته.
(وَإِذَا الرُّسُلُ أُقِّتَتْ) عيّن وقت حضورهم فيه للشهادة على الأمم. أو بلغوا ميقاتهم الّذي كانوا ينتظرونه ، وهو يوم القيامة. وقرأ أبو عمرو : وقّتت على الأصل.
__________________
(١) الجنّ : ١٦ ـ ١٧.
(٢) الواقعة : ٥.
(٣) المزّمّل : ١٤.