تعالى : (يَوْمَ تَرْجُفُ الْأَرْضُ وَالْجِبالُ) (١). أو الواقعة الّتي ترجف الأجرام ويشتدّ اضطرابها عندها.
(تَتْبَعُهَا الرَّادِفَةُ) الواقعة التابعة للأولى. وهي انشقاق السماء وانتثار الكواكب ، فإنّهما أثر الراجفة. ويجوز أن تكون الرادفة من قوله تعالى : (عَسى أَنْ يَكُونَ رَدِفَ لَكُمْ بَعْضُ الَّذِي تَسْتَعْجِلُونَ) (٢) أي : القيامة الّتي يستعجلها الكفرة استبعادا لها ، فهي الرادفة لهم لاقترابها. والجملة في موضع الحال ، أي : ترجف تابعتها الرادفة.
وإنّما جعل «يوم ترجف» ظرفا للمضمر الّذي هو «لتبعثنّ» ، ولا يبعثون عند النفخة الأولى ، لأنّ المعنى : لتبعثنّ في الوقت الواسع الّذي يقع فيه النفختان ، وهم يبعثون في بعض ذلك الوقت الواسع ، وهو وقت النفخة الاخرى. ودلّ على أنّ اليوم هو الوقت الواسع ، أنّ اليوم زمان الرجفة المقيّدة بكونها متبوعة بالرادفة ، فيكون الزمان واسعا للأمرين. فهي لا تنافي قوله : (وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَصَعِقَ مَنْ فِي السَّماواتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ إِلَّا مَنْ شاءَ اللهُ ثُمَّ نُفِخَ فِيهِ أُخْرى فَإِذا هُمْ قِيامٌ يَنْظُرُونَ) (٣).
(قُلُوبٌ يَوْمَئِذٍ واجِفَةٌ) شديدة الاضطراب. من الوجيف ، بمعنى شديد السرعة. وصفت بما يحدث بحدوثها ، وهي النفخة الأولى.
(أَبْصارُها خاشِعَةٌ) أي : أبصار أصحابها ذليلة من الخوف ، ولذلك أضافها إلى القلوب ، فإنّها قلقة غير هادئة وساكنة ، لما عاينت من أهوال يوم القيامة. ورفع «قلوب» بالابتداء ، و «واجفة» صفتها ، وخبرها قوله : (أَبْصارُها خاشِعَةٌ). فهو
__________________
(١) المزّمّل : ١٤.
(٢) النمل : ٧٢.
(٣) الزمر : ٦٨.