تفاوت فيه. فلم يجعل إحدى اليدين أطول ، ولا إحدى العينين أوسع ، ولا بعض الأعضاء أبيض ، ولا بعضها أسود ، ولا بعض الشعر فاحما ، وبعضه أشقر. أو جعلك معتدل الخلق تمشي قائما لا كالبهائم.
وقرأ الكوفيّون : فعدلك بالتخفيف. وفيه وجهان :
أحدهما : أن يكون بمعنى : عدّل مشدّدا ، أي : فعدّل بعض أعضائك ببعض حتّى اعتدلت.
والثاني : فصرفك. من : عدله عن الطريق. يعني : فعدلك عن خلقة غيرك ، وخلقك خلقة حسنة مفارقة لسائر الحيوانات. أو فعدلك إلى بعض الأشكال والهيئات.
(فِي أَيِّ صُورَةٍ ما شاءَ رَكَّبَكَ) الجارّ متعلّق بـ «ركّبك». و «ما» مزيدة.
والمعنى : وضعك في أيّ صورة اقتضتها مشيئته وحكمته ، من الصور المختلفة في الحسن والقبح ، والطول والقصر ، والذكورة والأنوثة ، والشبه ببعض الأقارب وخلاف الشبه. أو بمحذوف ، أي : ركّبك حاصلا في أيّ صورة شاء. وقيل : «ما» شرطيّة ، و «ركّبك» جوابها ، والظرف صلة «عدلك». ويكون في «أيّ» معنى التعجّب ، أي : فعدلك في صورة عجيبة. ثمّ قال : (ما شاءَ رَكَّبَكَ) أي : ركّبك ما شاء من التراكيب. يعني : تركيبا حسنا. ولمّا كانت الجملة بيانا لقوله «فعدلك» لم يعطف على ما قبلها.
(كَلَّا) ردع عن الاغترار بكرم الله. والمعنى : ارتدعوا عن الاغترار بكرم الله الّذي هو موجب للشكر والطاعة ، إلى عكسهما الّذي هو الكفر والمعصية. ثمّ قال : (بَلْ تُكَذِّبُونَ بِالدِّينِ) إضراب إلى بيان ما هو السبب الأصلي في اغترارهم. والمراد بالدين الجزاء أو دين الإسلام ، أي : لا يصدّقون بالثواب والعقاب ، أو بالإسلام. وهو شرّ من الطمع المنكر.