كساء من ثلّة (١) الإبل ، وهي تطحن بيدها ، وترضع ولدها ، فدمعت عينا رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم لمّا أبصرها ، فقال : يا بنتاه تعجّلي مرارة الدنيا بحلاوة الآخرة ، فقد أنزل الله عليّ : (وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضى)».
وعن زيد بن عليّ : إنّ من رضا رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم أن يدخل أهل بيته الجنّة.
وعن الصادق عليهالسلام : «رضا جدّي أن لا يبقى في النار موحّد».
واعلم أنّ اللام للابتداء ، دخل على الخبر بعد حذف المبتدأ. والتقدير : ولأنت سوف يعطيك. لا للقسم ، فإنّها لا تدخل على المضارع إلّا مع النون المؤكّدة.
والجمع بين حرفي التوكيد والتأخير ، للدلالة على أنّ العطاء كائن لا محالة وإن تأخّر لحكمة.
ثمّ عدّد ما أنعم عليه في الماضي ، تنبيها على أنّه كما أحسن إليه فيما مضى يحسن إليه فيما يستقبل ، فقال :
(أَلَمْ يَجِدْكَ يَتِيماً) من الوجود الّذي بمعنى العلم ، و «يتيما» مفعوله الثاني ، أي : ألم يعلمك يتيما؟ وذلك أنّ أباه مات وهو جنين قد أتت عليه ستّة أشهر ، وماتت أمّه وهو ابن ثماني سنين. (فَآوى) بأن كفلك عمّك أبو طالب ، وعطفه الله عليك ، فأحسن تربيتك. وسئل الصادق عليهالسلام : لم أوتم النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم عن أبويه؟ فقال : «لئلّا يكون لمخلوق عليه حقّ».
وقيل : معناه : ألم يجدك واحدا لا مثل لك في شرفك وفضلك ، فآواك إلى نفسه ، واختصّك برسالته؟ من قولهم : درّة يتيمة ، إذا لم يكن لها مثل.
وقال الماوردي : «فآواك أي : جعلك مأوى للأيتام بعد أن كنت يتيما ، وكفيل الأنام بعد أن كنت مكفولا» (٢).
__________________
(١) الثلّة : الصوف والشعر والوبر.
(٢) النكت والعيون ٦ : ٢٩٤.