(وَوَجَدَكَ ضَالًّا) غير مهتد إلى علم الحكم والأحكام ، كقوله : (ما كُنْتَ تَدْرِي مَا الْكِتابُ وَلَا الْإِيمانُ) (١) (وَإِنْ كُنْتَ مِنْ قَبْلِهِ لَمِنَ الْغافِلِينَ) (٢) (فَهَدى) فعلّمك بالوحي والإلهام ، والتوفيق للنظر.
وقيل : وجدك ضالّا في الطريق فهدى ، فأزال ضلالك عن جدّك أو عمّك ، لما روي : أنّه ضلّ في صباه في بعض شعاب مكّة ، فردّه أبو جهل إلى عبد المطّلب.
وقيل : حين فطمته حليمة بنت أبي ذؤيب ، لمّا أرضعته وفطمته ثمّ أرادت ردّه على جدّه جاءت به حتّى قربت من مكّة ، فضلّ في الطريق ، فطلبته جزعة ، وكانت تقول : إن لم أره لأرمينّ نفسي من شاهق ، وجعلت تصيح : وا محمّداه.
قالت : فدخلت مكّة على تلك الحال فرأيت شيخا متوكّئا على عصاه ، فسألني عن حالي ، فأخبرته. فقال : لا تبكينّ فأنا أدلّك على من يردّه عليك. وأشار إلى هبل صنمهم الأعظم ، ودخل البيت ، وطاف بهبل ، وقبّل رأسه ، وقال : يا سيّداه لم تزل منّتك جسيمة ، ردّ محمّدا على هذه السعديّة.
قالت : فتساقطت الأصنام لمّا تفوّه باسم محمّد ، وسمع صوت : إنّ هلاكنا على يدي محمّد ، فخرج وأسنانه تصطكّ. وخرجت إلى عبد المطّلب وأخبرته بالحال ، فخرج وطاف بالبيت ودعا الله سبحانه ، فنودي وأشعر بمكانه. فأقبل عبد المطّلب وتلقّاه ورقة بن نوفل في الطريق ، فبينما هما يسيران إذ النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم قائم تحت شجرة يجذب الأغصان ويلعب بالورق ، فقال عبد المطّلب : فداك نفسي ، وحمله وردّه إلى مكّة. وهذه الرواية مرويّة عن كعب.
وروي عن سعيد بن المسيّب : أنّه خرج مع عمّه أبي طالب في قافلة ميسرة غلام خديجة ، فبينما هو راكب ذات ليلة ظلماء جاء إبليس فأخذ بزمام ناقته فعدل
__________________
(١) الشورى : ٥٢.
(٢) يوسف : ٣.