صلاته هدى ، ودعاؤه إلى الله أمرا بالتقوى ، أتنهاه؟ ولعلّه ذكر الأمر بالتقوى في التعجيب والتوبيخ ، ولم يتعرّض له في النهي ، لأنّ النهي كان عن الصّلاة والأمر بالتقوى ، فاقتصر على ذكر الصّلاة ، لأنّه دعوة بالفعل. أو لأنّ نهي العبد إذا صلّى يحتمل أن يكون لها ولغيرها ، وعامّة أحوالها محصورة في تكميل نفسه بالعبادة وغيره بالدعوة.
(كَلَّا) ردع للناهي (لَئِنْ لَمْ يَنْتَهِ) عمّا هو فيه (لَنَسْفَعاً بِالنَّاصِيَةِ) لنأخذنّ بناصيته ، ولنسحبنّه بها إلى النار. والسفح : القبض على الشيء وجذبه بشدّة. وكتبتها في المصحف بالألف على حكم الوقف ، والاكتفاء باللام عن الإضافة ، للعلم بأنّ المراد بالناصية ناصية المذكور. وفي الأخذ بالناصية إهانة واستخفاف كما لا يخفى.
(ناصِيَةٍ كاذِبَةٍ خاطِئَةٍ) بدل من الناصية. وإنّما جاز وصفها بالكذب والخطأ ، وهما لصاحبها ، على الإسناد المجازي للمبالغة.
روي : أنّ أبا جهل مرّ برسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم وهو يصلّي فقال : ألم أنهك؟ فأغلظ له رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ، فقال : أتهدّدني وأنا أكثر أهل الوادي ناديا ، فنزلت :
(فَلْيَدْعُ نادِيَهُ) أي : أهل ناديه ليعينوه. وهو المجلس الّذي ينتدي فيه القوم ، أي : يجتمعون.
(سَنَدْعُ الزَّبانِيَةَ) ليجرّوه إلى النار. وهو في كلام العرب : الشرط. واحدها : زبنية ، كعفرية. من الزبن ، وهو الدفع. يقال : زبنت الناقة إذا ضربت بثفنات (١) رجلها عند الحلب. فالزبن بالثفنات ، والركض بالرجل ، والخبط باليد. وناقة زبون : تضرب حالبها وتدفعه. وحرب زبون : تزبن الناس ، أي : تصدمهم وتدفعهم.
__________________
(١) الثفنة من البعير : ما يقع على الأرض من أعضائه إذا استناخ وغلظ ، كالركبتين. وجمعها : ثفنات.