آلهتنا المحسوسة المدركة بالأبصار ، فأشر أنت يا محمد إلى إلهك الّذي تدعو إليه حتّى ندركه ، فأنزل الله سبحانه (قُلْ هُوَ). فالهاء تثبيت للثابت ، والواو إشارة إلى الغائب عن درك الأبصار ولمس الحواسّ ، وأنّه يتعالى عن ذلك ، بل هو مدرك الأبصار ومبدع الحواسّ».
وحدّثني أبي عن أبيه ، عن أمير المؤمنين عليهالسلام أنّه قال : «رأيت الخضر عليهالسلام في المنام قبل بدر بليلة ، فقلت له : علّمني شيئا أنتصر به على الأعداء. فقال : قل : يا هو ، يا من لا هو إلّا هو. فلمّا أصبحت قصصتها على رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ، فقال لي : يا عليّ علّمت الاسم الأعظم ، فكان على لساني يوم بدر».
قال : «وقرأ عليهالسلام يوم بدر (قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ) فلمّا فرغ قال : يا هو ، يا من لا هو إلّا هو ، اغفر لي وانصرني على القوم الكافرين. وكان يقول ذلك يوم صفّين وهو يطارد. فقال له عمّار بن ياسر : يا أمير المؤمنين ما هذه الكنايات؟ قال : اسم الله الأعظم وعماد التوحيد : الله لا إله إلّا هو. ثمّ قرأ : (شَهِدَ اللهُ أَنَّهُ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ) (١) وآخر الحشر. ثمّ نزل فصلّى أربع ركعات قبل الزوال».
قال : «وقال أمير المؤمنين عليهالسلام : الله معناه : المعبود الّذي يأله فيه الخلق ، ويؤله إليه الله ، المستور عن إدراك الأبصار ، المحجوب عن الأوهام والخطرات».
قال الباقر عليهالسلام : «الله معناه : المعبود الّذي أله الخلق عن إدراك ماهيّته والإحاطة بكيفيّته.
ويقول العرب : أله الرجل إذا تحيّر في الشيء فلم يحط به علما.
ووله إذا فزع إلى شيء. قال : والأحد : الفرد المتفرّد. والأحد والواحد بمعنى المتفرّد الّذي لا نظير له. والتوحيد : الإقرار بالوحدة ، وهو الانفراد. والواحد : المباين الّذي لا ينبعث من شيء ، ولا يتّحد بشيء. ومن ثمّ قالوا : إنّ بناء العدد من الواحد ، وليس الواحد من العدد ، لأنّ العدد لا يقع على الواحد ، بل يقع على الاثنين. فمعنى قوله
__________________
(١) آل عمران : ١٨.