ويذكر بعض النحاة أن خبر (ليس) لا يجوز أن يكون ماضيا ، ويعلل لذلك بأن (ليس) لنفى الحال (١) ، لكن ابن مالك يشترط لدخول (ليس) على الماضى أن يكون اسمها ضمير الشأن (٢). ويرى بعض النحاة أن هذا التخصيص غير صحيح (٣) ، وإذا كانت (ليس) لنفى الحال فإن الإخبار عنها بماض يكون فيه تناقض ، ولكن النحاة يجيبون عن ذلك بتفصيل فى دلالة (ليس) ، حيث إنها تكون لنفى الحال فى الجملة غير المقيدة بزمان ، أما المقيدة فتنفيها على حسب القيد (٤).
ويذهب بعض النحاة ـ ابن الصائغ ـ إلى أنه لا يجوز أن يكون خبر الأفعال الناسخة ماضيا إلا مع (قد) ظاهرة أو مقدرة ، وأما قوله تعالى : (وَإِنْ كانَ قَمِيصُهُ قُدَّ مِنْ دُبُرٍ) [يوسف : ٢٧] فإنه جائز ؛ لأنه للمستقبل لكونه شرطا.
لكنه يذكر أن شرط الاقتران بقد إنما هو مذهب الكوفيين ، وحجتهم فى ذلك أن (كان) وأخواتها إنما دخلت على الجمل لتدلّ على الزمان ، فإذا كان الخبر يدلّ على الزمان لم يحتج إليها (٥).
٣ ـ لا يكون خبر بعض الأفعال استفهاما :
بعض الأفعال الناسخة لا يتقدم خبرها عليها ، وهى : (ليس ، وما دام وما زال ، وما برح ، وما فتئ ، وما انفك) ، إذ كانت هذه الأفعال مسبوقة بـ (ما) نافية أو مصدرية ، لذلك فإن خبرها لا يكون استفهاما ، لأن أسماء الاستفهام لها الصدارة فى جملتها ، فيكون هناك تناقض لفظى بين وجوب صدارتها ووجوب تأخر أخبارها ؛ لذا لا تكون أخبار هذه الأفعال استفهاما.
كما أنه يعلل لذلك بلزوم (ما) النافية الصدر عند البصريين ، وبه تزدحم مع الاستفهام ، هذا بخلاف المنفى بـ (لا).
__________________
(١) ينظر هامش الأمير على شرح التصريح ١ ـ ١٨٣.
(٢) التسهيل ٥٢.
(٣) المقرب ١ ـ ٩٣.
(٤) ينظر : الهمع ١ ـ ١١٣ / هامش الأمير على شرح التصريح ١ ـ ١٨٣.
(٥) ينظر : الهمع ١ ـ ١١٣.