حيث الضمير المنفصل (إياهم) ـ وهو مفعول به لخبر كان (عود) ـ قد تقدم على اسمها (عطية) ويجعلون ذلك من قبيل الضرورة. وإن قدّم مفعول الخبر على (كان) جاز. ومنه قول المعلوط القريطى :
رجّ الفتى للخير ما إن رأيته |
|
على السنّ خيرا لا يزال يزيد (١) |
حيث (خيرا) مفعول به للفعل (يزيد) ، وهو خبر (لا يزال) ، فتقدم معمول خبر (كان) المنصوب عليها.
ومنه قوله تعالى : (أَهؤُلاءِ إِيَّاكُمْ كانُوا يَعْبُدُونَ) [سبأ : ٥٠].
(وَأَنْفُسَهُمْ كانُوا يَظْلِمُونَ) [الأعراف : ١٧٧].
وهو ما يؤيد به الكوفيون رأيهم فى التقديم مطلقا ، ويذكر المبرد : «ولو قلت : غلامه كان زيد يضرب ، كان جيدا أن تنصب (الغلام) بـ (يضرب) ؛ لأنه كلّ ما جاز أن يتقدم من الأخبار جاز تقديم مفعوله» (٢).
ملحوظة :
يشترط جمهور البصريين لتقدم معمول خبر (كان) على اسمها أن يكون جملة ، فإن لم يكن كذلك منعوا التقدم مطلقا ، وأجازه الكوفيون مستدلين بما ذكر ، لكن بعض النحاة ـ على رأسهم ابن السراج والفارسى وابن عصفور ـ أجازوا التقدم على أن يتقدم الخبر معه ، ومنعوه إن تقدم بمفرده ، وتأولوا قول الفرزدق السابق علي زيادة (كان) ، أو إضمار اسم (كان) ، على أنه ضمير الشأن ، أو راجع إلى (ما) ، وعلى هذه التأويلات يكون (عطية) مبتدأ ، وقيل هذا من قبيل الضرورة.
ففى قول حميد الأرقط :
__________________
(إياهم) ضمير منفصل مبنى فى محل نصب ، مفعول به مقدم. (عطية) اسم كان مرفوع ، وعلامة رفعه الضمة (عودا) فعل ماض مبنى على الفتح ، وفاعله ضمير مستتر ، والألف للإطلاق ، والجملة الفعلية في محل نصب ، خبر كان. وجملة (كان) صلة الموصول ، لا محل لها من الإعراب ، أو مع ما المصدرية مصدر مؤول فى جر بالباء. وشبه الجملة متعلقة بهداج.
(١) المقرب ١ ـ ٩٧.
(٢) المقتضب ٤ ـ ١٠١.