وفيه تقدم الخبر (حسن) على المبتدإ المؤخر المصدر المؤول (أن يمدح المرء) ، فأهملت (ما) النافية.
فأما قول الفرزدق :
فأصبحوا قد أعاد الله نعمتهم |
|
إذ همو قريش وإذ ما مثلهم بشر (١) |
بنصب (مثل) فإن سيبويه يذكر أن «هذا لا يكاد يعرف» (٢).
كما أنه يعلل لذلك بأن الفرزدق قد غلط ، حيث هو تميمى ، فأراد أن ينطق بلغة أهل الحجاز فغلط ، فهو شاذ.
وقيل : (بشر) خبر ، و (مثل) مبتدأ ، لكنه فتح لأنه مبنىّ على الفتح ، لأنه اسم مبهم أضيف إلى مبنى ، فاكتسب البناء منه ، وبذلك فإن (ما) غير عاملة.
ويوجه على أن خبر (ما) محذوف ، والتقدير : إذ ما فى الدنيا بشر ، أما (مثلهم) فهى حال من بشر.
ب ـ ألا يتقدم معمول خبرها على اسمها :
للنحاة قاعدة مطلقة أنه لا يتقدم معمول الخبر فى موضع لا يجوز فيه تقدم الخبر ، فلما كان خبر (ما) الحجازية العاملة لا يتقدم على اسمها كان معمول خبرها لا يتقدم.
لذلك فإن (ما) لم تعمل فى قول مزاحم بن الحارث العقيلى :
وقالوا تعرّفها المنازل من منى |
|
وما كلّ من وافى منى أنا عارف (٣) |
__________________
خبرا وحسنا مبتدأ ، فالمصدر المؤول فاعل لحسن سد مسد المبتدإ المؤخر أو الخبر. (نفسه) مفعول به منصوب ، وعلامة نصبه الفتحة ، وهاء الغائب ضمير مبنى فى محل جر بالإضافة. (الواو) حرف عطف مبنى لا محل له. (لكن) حرف استدراك مبنى لا محل له من الإعراب. (أخلاقا) اسم لكن منصوب وعلامة نصبه الفتحة. (تذم) فعل مضارع مرفوع ، وعلامة رفعه الضمة مبنى للمجهول. ونائب الفاعل ضمير مستتر تقديره : هى. والجملة الفعلية فى محل نصب ، نعت لأخلاق. وخبر لكن محذوف تقديره : موجودة ، كائنة. (وتحمد) عاطف مبنى ، والجملة الفعلية فى محل نصب بالعطف على جملة تذم.
(١) ينظر : الكتاب ١ ـ ٦٠ / المقتضب ٤ ـ ١٩١ / الجنى الدانى ١٨٩ /. الخزانة ٤ ـ ١٣٣.
(٢) الكتاب ٢ ـ ٦٠.
(٣) الكتاب ١ ـ ٧٢ / شرح الشذور رقم ٩١ / الأشمونى ١ ـ ٢٤٩ / أوضح المسالك رقم ٢١٥.