ضربت زيدا وقام عمرو لم يجز الإخبار عن واحد منهما لأنهما من جملتين والعاملان يختلفان فلو أخبرت عن (زيد) لكنت قائلا : (الذي ضربته وقام عمرو زيد) فليس لقولك قام عمرو اتصال بالصلة ، فإن زدت في الكلام فقلت وقام عمرو إليه أو من أجله جاز ، فإن قلت :ضربت زيدا أو عمرا فأخبرت عن (زيد) ، فإن الأخفش يقول (الضاربه أنا أو عمرا زيد) قال ؛ لأن عمرا قد صار كأنه من سببه إن وقع عليهما فعل واحد كما تقول : مررت برجل ذاهب أبوه أو عمرو ولو قلت : أو ذاهب عمرو لم يجز لأنهما لم يجتمعا في فعل واحد فيصير عمرو إذا جعلت له فعلا على حدته كأنك قلت : مررت برجل ذاهب عمرو وكذلك لا يجوز الضاربه أنا والضارب زيدا عمرو.
قال أبو بكر : لأنه قد انفصل من العامل الذي في صلة الضارب ، وإذا قلت : ضربت أو شتمت عمرا فأخبرت عن (عمرو) قلت : (الذي ضربت أو شتمت عمرو) تريد : (الذي ضربته أو شتمته عمرو) فالفعلان داخلان في الصلة ، فإن قلته بالألف واللام احتجت أن تقول : الضاربه أنا والشاتمه أنا عمرو فأخرجت ما كان في صلة (الذي) عنها ؛ لأنه لا بد من ألف ولام أخرى حتى يصير فاعل بمعنى الفعل وهذا لا يجوز ومعنى الكلام أيضا يتغير لأنك إذا قلت : الذي ضربت أو شتمت عمرو فالشك واقع في الفعلين ، وإذا قلت (الضاربه أنا أو الشاتمه أنا عمرو) فالشك في الاسمين ، فإن قلت : ضربت زيدا أو شتمت عمرا لم يجز أن تخبر عن زيد إلا أن تضمر في الجملة الثانية ما يرجع إلى (زيد) فتقول : (الذي ضربت أو شتمت عمرا من أجله أو له زيد).
واعلم أنه قد جاء في العطف أشياء مخالفة للقياس فمن ذلك قولك : (مررت برجل قائم أبواه لا قاعدين) فقولك : (لا قاعدين) معطوف على (قائم) وليس في قولك : (قاعدين) شيء يرجع إلى رجل كما كان في قولك : قائم أبواه ضمير يرجع إلى (رجل) فجاز هذا في المعطوف على غير قياس وهذا لفظ المازني وقول كلّ من يرضى قوله وكان ينبغي أن تقول : مررت برجل قائم أبواه ولا قاعد أبواه وأن لا يجيء الأبوان مضمرين ولكنه حكى عن العرب وكثر في كلامهم حتى صار قياسا مستقيما ومما جاء في العطف لا يجوز في الأول قول العرب : (كلّ شاة