فعّلت : فمصدره التفعيل ؛ لأنه ليس بملحق فالتاء الزائدة عوض من تثقيل العين والياء بدل من الألف التي تلحق قبل أواخر المصادر ، وذلك قولك : قطّعته تقطيعا وكسّرته تكسيرا وشمّرت تشميرا وكان أصل هذا المصدر أن يكون فعّالا كما قلت أفعلت إفعالا ولكنه غير لبين أنه ليس ملحقا ولو جاء به جاء على الأصل لكان مصيبا كما قال الله جلّ ذكره (وكذبوا ليبين بآياتنا كذّابا) وقال قوم : حمّلته حمّالا وكلّمته كلّاما فهذه تصاريف هذه الأفعال ومصادرها ونحن نذكر معانيها ومواقعها في الكلام إن شاء الله.
الأول : فعّل :
حقه أن يكون للتكثير والمبالغة فأذا أدخلت عليه التاء قلت : تفعّلت تفعّلا ضموا العين ؛ لأنه ليس في الكلام اسم على (تفعّل) وفيه (تفعّل) مثل التنوط اسم ويجيء : فعّلته وأفعلته بمعنى واحد. نحو : خبّرته وأخبرته ووعّزت وأوعزت وسمّيت وأسميت أي : جعلته فاعلا ويجيئان مفترقين نحو : علّمته وأعلمته فعلّت أدبت وأعلمت : آذنت وكذلك آذنت وأذّنت مفترقان فآذنت : أعلمت وأذّنت من النداء والتصويت بإعلام وبعض العرب يجري : أذّنت وآذنت مجرى سمّيت وأسميت وأمرضته جعلته مريضا ومرّضته قمت عليه.
ومثله أقذيت عينه وقذّيتها فأقذيتها : جعلتها قذيّة وقذّيتها : نظفتها من القذاء كثّرت وأكثرت وقلّلت وأقللت فكثّرت أن تجعل قليلا كثيرا وقلّلت تجعل كثيرا قليلا وصبّحنا ومسّينا وسحّرنا فمعناه : أتيناه صباحا في هذه الأوقات ومثله بيّتناه أتيناه بياتا وما بني على (يفعّل) فهو يشجّع ويجبّن ويقوّي أي يرمى بذلك وقد شيّع الرجل أي رمي بذلك وقيل فيه.
الثاني : أفعل :
وحقّ هذه الألف إذا دخلت على : فعل لا زيادة فيه أن يجعل الفاعل مفعولا نحو : قام وأقمته وقد ذكر هذا فيما مضى ويكون في معنى (فعل) في لغتين مختلفتين نحو : قلته وأقلته وأشباه هذا كثير وقد أفرد له النحويون وأهل اللغة كتبا يذكرون فيها : فعلت وأفعلت والمعنى واحد وكما أنه قد جاء أفعلت في معنى : فعلت فكذلك يجيء : فعلت في معنى : أفعلت ينقل الفاعل فيجعله مفعولا نحو : نعم الله بك عينا وأنعم بمعنى واحد ويقال : أبان وأبنته واستبان