فتؤخرها وهي ملغاة أيضا ، وإذا قلت : إذن عبد الله يقول ذلك فالرفع لا غير ؛ لأنه قد وليها المبتدأ فصارت بمنزلة (هل) وزعم عيسى : أن ناسا يقولون : إذن أفعل في الجواب.
الثاني ما انتصب بحرف يجوز إظهاره وإضماره :
وهذا يقع على ضربين : أحدهما أن تعطف بالفعل على الاسم والآخر أن تدخل لام الجر على الفعل فأما الضرب الأول من هذا وهو أن تعطف الفعل على المصدر فنحو قولك :
يعجبني ضرب زيد وتغضب. تريد : وأن تغضب فهذا إظهار (أن) فيه أحسن.
ويجوز إضمارها فأن مع الفعل بمنزلة المصدر فإذا نصبت فقد عطفت اسما على أسم ولو لا أنك أضمرت (أن) ما جاز أن تعطف الفعل على الاسم ؛ لأن الأسماء لا تعطف على الأفعال ولا تعطف الأفعال على الأسماء ؛ لأن العطف نظير التثنية فكما لا يجتمع الفعل والاسم في التثنية كذلك لا يجتمعان في العطف فمما نصب من الأفعال المضارعة لما عطف على اسم قول الشاعر :
للبس عباءة وتقرّ عيني |
|
أحبّ إليّ من لبس الشّفوف (١) |
__________________
(١) على أن تقر منصوب بأن بعد واو العطف.
قال سيبويه : لما لم يستقم أن تحمل وتقر وهو فعل ، على لبس وهو اسم ، ولما ضممته إلى الاسم ، وجعلت أحب لهما ، ولم ترد قطعه ، لم يكن بد من إضمار أن.
قال النحاس : قال أبو الحسن : أي لم ترد لبس عباءة أحب إلي. وأن تقر عيني ، لأن هذا يبطل المعنى ، لأنه لم يرد أن لبس عباءة أحب إليه. هذا سخف ، إنما أراد قرة العين ، فلهذا نصب.
وقال الأعلم : نصب تقر بإضمار أن ليعطف على اللبس ، لأنه اسم وتقر فعل ، فلم يمكن عطفه عليه ، فحمل على إضمار إن لأن أن وما بعدها اسم ، فعطف اسما على اسم وجعل الخبر عنهما واحدا ، وهو أحب.
والمعنى : لبس عباءة مع قرة العين ، وصفاء العيش أحب إلي من لبس الشفوف مع سخنة العين ونكد العيش.
والعباءة : جبة الصوف. والشفوف : ثياب رقاق تصب البدن ، واحدها شفّ. انتهى.
فإن قلت : ما الفرق بين واو الجمع ، وواو العطف ، وهل هما إلا شيء واحد؟ قلت : واو الجمع في الأصل للعطف ، لكنه خص ببعض أحواله ، وذلك أن المعطوف قد يكون قبل المعطوف عليه في الوجود ، وقد يكون بعده ، وقد يكون معه ، نحو : جاء زيد وعمرو قبله أو بعده أو معه.