لنا ضرورة (١).
يلاحظ عليه : أوّلاً : أنّ الاِمامة ـ حسب عقيدة الشيعة ـ من الأصول التي يعتبر فيها العلم ، ولا يكفي فيها الظن والحدس ولا خبر الآحاد ، والمراد من العلم ، هو العلم بما صدر عنه صلىاللهعليهوآلهوسلم فإذا كان المطلوب فيها العلم ، ثم الاعتقاد وعقد القلب فهو يطلب لنفسه أن يكون النص الوارد في ذلك المجال جلياً مورثاً للعلم واليقين ، ذابّاً للشك والريب عن أذهان المكلّفين حاضرهم وغائبهم ، وكل من وصل إليه خطابه إلى يوم القيامة ، وإلاّ فلا ينتج إلاّ الظن والشك غير المفيدين في ذلك الباب.
وبعبارة أُخرى : إذا كان الاِعلام بإمامة علي واجباً على النبي من اللّه سبحانه ، اذاً لا يخلو الأمر من حالتين : إمّا أن يكون مع تمكنه من النص الجليّ ، أو لا معه ، والثاني لا تصدقه حياة النبي خصوصاً القسم الأخير منها ، عندما استقر الاسلام ملقياً جرانه ومتبوّئاً أوطانه (٢) فكان النبي ، مطاعاً ومهاباً ، منذ وعى الوحي الاِلهي بملأ قلبه « الّذِينَ يُبَلّغُونَ رِسالاتِ اللّه وَيَخْشَونَهُ وَلا يَخْشَونَ أحداً أبداً وَكَفى باللّه حسيباً » (الأحزاب ـ ٣٩) وعلى ضوء ذلك فكان في وسع النبي ، التنصيص الواضح بولاية الاِمام في أنّه سبحانه جعله إماماً للناس بعد رحيله. إذاً العدول عنه إلى النص الخفي ، تعريض للأمّة ، للتفرقة والنزاع ، وزرع لبذر الخلاف والنقاش ومع أنّه سبحانه يقول : « وَاعَتَصِمُوا بِحَبلِ اللّهِ جَميعاً ولا تَفَرَّقوا » (آل عمران ـ ١٠٣).
ثانياً : أنّ القضايا البديهية في المنطق تنقسم إلى أقسام ، بعضها غنية عن
__________________
١ ـ الاِمام المنصور باللّه حمزة بن عبد اللّه بن سليمان : العقد الثمين : ٧ ـ ٨.
٢ ـ اقتباس من كلام الاِمام علي نهج البلاغة : الخطبة ٥٦.