تلامذة أبي شاكر الديصاني صاحب النزعة الاِلحادية ، ثم تبع جهم بن صفوان الجبري المتطرف المقتول بـ « ترمذ » عام ١٢٨ هـ ، ولما التحـق بالاِمـام الصادق عليهالسلام ودان بمذهب الاِمامية ترك ما كان يعتقد به من تجسيم وتشبيه فقد تطبعت عقليته على معارف أهل البيت إلى حد كبير ، ولا يخفى على إنسان ملمّ بالحديث والكلام أنّ التنزيه شعار أهل البيت عليهمالسلام ولقد كفانا الشيخ عبد اللّه نعمة في رسم حياة هشام رسماً واقعياً منزّهاً عن كل رأي مفتعل (١).
وأمّا الثانية : أعني الزرارية فهذه الفرقة المختلقة منسوبة إلى زرارة بن أعين من أجلاّء تلاميذ الاِمامين الباقر والصادق عليهماالسلام. يقول النجاشي في حقه : شيخ أصحابنا في زمانه ومتقدّمهم وكان قارئاً ، فقيهاً ، متكلماً ، شاعراً ، أديباً ، قد اجتمعت فيه خصال الفضل والدين (٢) وقد ذكرنا له ترجمة ضافية طبعت في مقدمة مسنده ، مات رحمهالله عام ١٥٠ هـ ، ولم يكن له أي شطح في العقيدة أو اعوجاج في الفكر ، وإنّما كان يسير على ضوء إماميه الباقر والصادق عليهماالسلام وقد أثنيا عليه بجمل ضافية ، ومسنده المطبوع لأصدق دليل على براءته في الكلام واضطلاعه في الفقه.
نعم أنّ الضغائن والحقد على هذا المتكلّم وعلى من سبقه ـ هشام بن الحكم ـ دفع المخالفين على رميهم بالانحراف الفكري ، قال البغدادي : ومنهم الزرارية أتباع زرارة بن أعين الرافضي ، في دعواها حدوث جميع صفات اللّه عزّ وجلّ وإنّها من جنس صفات اللّه عزّ وجلّ وزعموا أنّ اللّه تعالى لم يكن في الأزل حياً ، ولاعالماً ولا قادراً ولا مريداً ولاسميعاً ، ولا بصيراً وإنما استحق هذه الأوصاف حين أحدث لنفسه حياة وقدرة وعلماً وأرادة وسمعاً وبصراً. (٣)
__________________
١ ـ لاحظ كتابه حياة هشام بن الحكم ، طبع بيروت.
٢ ـ النجاشي : الرجال : ١ / ٣٩٧ برقم ٤٦١. ولاحظ مقدمة الموَلّف على مسنده.
٣ ـ البغدادي : الفرق بين الفرق : ٢٣٠.