ـ ٤٣ ـ أحمد والملكان النكيران
ذكر ابن الجوزي في مناقب أحمد (١) ( ص ٤٥٤ ) عن عبد الله بن أحمد يقول : رأيت أبي في المنام فقلت : ما فعل الله بك ؟ قال : غفر لي. قلت : جاءك منكرٌ ونكيرٌ ؟ قال : نعم ، قالا لي : من ربّك ؟ قلت : سبحان الله أما تستحيان منّي ؟ فقالا لي : يا أبا عبد الله اعذرنا بهذا أُمرنا.
قال الأميني : ما أجرأ الإمام على الملكين الكريمين في ذلك المأزق الحرج ! وما أجهله بالناموس المطّرد من سؤال القبر وأنَّه بأمر من الله العليِّ العزيز ! حتى جابه الملكين بذلك القول الخشن ، ما أحمد وما خطره ؟ وقد جاء في الرواية : أنَّ عمر ارتعد منهما لمّا دخلا عليه (٢) وكان عمر بمحلّ من المهابة على حدِّ قول عكرمة أنَّه دعا حجّاماً فتنحنح عمر وكان مهيباً فأحدث الحجّام ، فأعطاه عمر أربعين درهماً (٣).
وعلى الملكين أن يشكرا الله سبحانه على أن كفَّ الإمام عن أن يصفعهما فيفقأ
___________________________________
(١) مناقب أحمد : ص ٦٠٦ باب ٩٢.
(٢) قال السيّد الجرداني في مصباح الظلام : ٢ / ٥٦ [ ٢ / ١٣٢ ] : إنّ الله تعالى أعطى عليّاً علم البرزخ ، فلمّا مات عمر بن الخطاب رضياللهعنه جلس عليّ على قبره ليسمع قوله للملكين ، فلمّا دخلا عليه ارتعد منهما ثمّ أجاب ، فقالا له : نم. فقال : كيف أنام وقد أصابني منكما هذه الرعدة ؟ وقد صحبت النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم ، ولكن أشهد عليكما الله وملائكته أن لا تدخلا على مؤمن إلّا في أحسن صورة ففعلا. فقال له علي بن أبي طالب : نم يابن الخطّاب ، فجزاك الله عن المسلمين خيراً لقد نفعت الناس في حياتك ومماتك. اقرأ واضحك. ( المؤلف )
(٣) طبقات ابن سعد : ٣ / ٢٠٦ [ ٣ / ٢٨٧ ] ، تاريخ بغداد : ١٤ / ٢١٥ ، تاريخ عمر لابن الجوزي : ص ٩٩ [ ١٢٥ باب ٤٥ ] ، كنز العمّال : ٦ / ٣٣١ [ ١٢ / ٥٦٤ ح ٣٥٧٦٩ ]. ( المؤلف )