وقد ظهر مما ذكرنا (١) في الصحيحة الأولى تقريب الاستدلال بقوله : «فليس ينبغي أن تنقض اليقين بالشك» في كلا الموردين (٢) ، ولا نعيد.
______________________________________________________
(١) من أنه استدلال بالكبرى الارتكازية على المورد ، وأن الإمام عليهالسلام بقوله في الجواب عن السؤال الثالث : «لأنك كنت على يقين ...» في مقام تعليل الحكم ـ بعدم وجوب إعادة الصلاة ـ بأمر ارتكازي ، لا بأمر تعبدي حتى يختص اعتبار الاستصحاب بمورد الرواية. وعليه فهذه الرواية دالة على اعتبار الاستصحاب مطلقاً سواء كان الشك في المقتضي أم الرافع ، وسواء كان في الشبهات الحكمية الكلية أم الموضوعية ، لدلالتها على جعل الحكم الظاهري المماثل للمستصحب أو لحكمه ، فلا حاجة إلى الإعادة.
(٢) المورد الأول هو السؤال الثالث أعني الظن بإصابة النجاسة ، والثاني هو السؤال السادس أعني رؤية النجاسة في أثناء الصلاة ، واحتمال وقوعها في الأثناء ، ولأجل اشتمال الكلام في الموردين المزبورين على اللام الّذي هو كالنص في التعليل يصير كالنص في تعليل الحكم بكبرى ارتكازية ، بخلاف التعليل
__________________
لكن يمكن أن يقال : بعدم التهافت بين الحكمين ، فانه بعد عدم شرطية خصوص الطهارة الواقعية أو مانعية النجاسة كذلك ، ودخل العلم في المانعية يتجه الفرق بين الصورتين ، إذ في السؤال الثالث لم تتنجز النجاسة أثناء الصلاة ، لأنه علم بها بعد الفراغ ، فكان حال الصلاة محرزاً للطهارة. بخلاف السؤال السادس ، فانه لأجل رؤية النجاسة في الأثناء تنجزت عليه مانعيتها ولو بوجودها البقائي ، ولهذا فصّل عليهالسلام بين سبق العلم بالنجاسة فتبطل الصلاة ، وعدمه فيجري استصحاب عدم النجاسة وعليه التطهير والبناء من موضع قطعها.
والحاصل : أن الفارق بين الجوابين منجزية العلم بالنجاسة الحاصل في أثناء الصلاة وعدمها لحصوله بعد الصلاة ، ومع اختلاف موضوعي الحكمين وتغايرهما اختلف الحكمان.