وقد انقدح بذلك (١) أنه
______________________________________________________
الأمر الاعتقادي وإن كان مزيلا للاعتقاد بمعنى الإيقان ، لكنه لا ينافي عقد القلب عليه والالتزام بواقعه فيما لم يعتبر فيه المعرفة. ولأجله لا بد من التفصيل في الأمور الاعتقادية بين ما يكفي فيه عقد القلب عليها ولو لم يعلم بها كتفاصيل عالم البرزخ ، وبين ما يكون المطلوب فيها المعرفة واليقين بها ، فانه لا مانع من جريان الاستصحاب في القسم الأول حكما وموضوعا كما تقدم بيانه.
مضافا إلى : أن ، الاعتقاد إن كان بمعنى المعرفة اليقينية فلا وجه للتفصيل في الاستصحاب بين حجيته بالأخبار وحجيته بالظن ، إذ المفروض عدم الجدوى في الاستصحاب ، لعدم إفادته المعرفة المطلوبة في الاعتقاد وإن كان حجة من باب الظن.
وأما دعوى شيخنا الأعظم بأن الاستصحاب حكم عملي فيردها ما في المتن من أنه في قبال الأمارة الكاشفة عن الواقع ، لا بمعنى اختصاصه بأعمال الجوارح حتى لا يجري في الأحكام المتعلقة بأعمال الجوانح. وعليك بمزيد التأمل في كلمات الشيخ والمصنف هنا وفي الحاشية لعلك تستفيد منها أمرا آخر.
(١) أي : ظهر بما ذكر ـ من أن الاعتقادات كالموضوعات في توقف جريان الاستصحاب فيها على كون المورد ذا أثر شرعي ـ أنه لا مجال للاستصحاب في نفس النبوة ... إلخ. توضيحه : أنه يحتمل في النبوة المستصحبة وجوه ثلاثة : أولها : أن يراد بها صفة كمالية نفسانية تكوينية موجبة للاستيلاء على التصرف في الأنفس والآفاق والفوز بمنصب الرئاسة العامة الإلهية ، وهذه المرتبة العالية من كمال النّفس تستلزم تلقي المعارف الإلهية من المبدأ الأعلى بلا توسط بشر. والنبي على هذا «فعيل» بمعنى مفعول ، باعتبار تلقيه للوحي ، فينبئه تعالى بما شاء.
ثانيها : أن يراد بها منصب مجعول إلهي كولاية الفقيه على القصّر ، وولاية الأب والجد على الصغير ، وكالقضاوة والملكية وغير ذلك من الأحكام الوضعيّة ، فالنبوة على هذا ليست بمعنى كون نفسه المقدسة مجلى المعارف ـ وإن كانت هذه الصفة مما لا بد منها في اعتبار النبوة ـ بل بمعنى جعله مخبرا ومبلّغا عنه تعالى