العاشر (١): أنه قد ظهر مما مر (٢) لزوم أن يكون المستصحب حكما
______________________________________________________
(التنبيه العاشر : اعتبار موضوعية المستصحب للأثر بقاء لا حدوثا)
(١) الغرض من عقد هذا التنبيه دفع توهم من زعم أن قولهم : «ان المستصحب إما حكم شرعي وإما ذو حكم كذلك» يدل على اعتبار أن يكون كذلك في كلتا مرحلتي الثبوت والبقاء ، فلو كان كذلك في مرحلة البقاء فقط دون الثبوت لم يجر فيه الاستصحاب. وقد دفع المصنف هذا التوهم بأن مورد التعبد والتنزيل في الاستصحاب هو مرحلة الشك أعني البقاء دون الحدوث ، فلا بد أن يكون مورد الاعتبار المزبور هي هذه المرحلة أيضا ، لئلا يلزم لغوية التعبد ، من دون حاجة إلى اعتبار ذلك في مرحلة الثبوت ، لعدم كونها مورد التعبد ـ من الأصل العملي الّذي موضوعه الشك ـ فوجود الحكم في حال اليقين وعدمه سيّان بالنسبة إلى الاستصحاب.
ولعل منشأ التوهم المزبور كون التعبد في الاستصحاب بعنوان الإبقاء ، فان هذا العنوان يوهم اعتبار كونه كذلك حدوثا أيضا. لكنه ليس كذلك ، لأن الأصول العملية التي منها الاستصحاب جعلت وظائف للشاك حين العمل ، وحيث ان مورد الاستصحاب هو الشك المسبوق باليقين عبّروا عنه بالإبقاء فرقا بينه وبين سائر الأصول العملية (*).
(٢) أي : من مطاوي الأبحاث السابقة كتعريفه للاستصحاب بأنه «حكم الشارع ببقاء حكم أو موضوع ذي حكم» لدلالته على أنه أصل عملي في مرحلة الشك في البقاء لا في مرحلة القطع بالثبوت ، إذ ليس في تلك المرحلة شك حتى يقع موردا للتعبد الاستصحابي.
__________________
(*) لا يخفى أن مقتضى ما تقدم من كون الغرض من عقد هذا التنبيه دفع توهم اعتبار مجعولية المستصحب حدوثا في جريان الاستصحاب هو أجنبيته عن الأصل المثبت. فما في تقريرات سيدنا الفقيه صاحب الوسيلة وفي حاشية المحقق