وكذا (١) لا تفاوت في المستصحب أو المترتب بين أن يكون ثبوت الأثر
______________________________________________________
(المورد الثالث : استصحاب البراءة من التكليف لنفي العقاب)
(١) معطوف على قوله : «وكذا لا تفاوت في الأثر المستصحب» وإشارة إلى المورد الثالث من الموارد التي توهم كون الأصل فيها مثبتا ، وتوضيحه منوط ببيان التوهم ثم دفعه. أما التوهم فهو ينحل إلى إشكالين :
أحدهما : عدم كون المستصحب حكما ولا موضوعا ذا حكم ، مع وضوح اعتبار كون المستصحب واحدا منهما ، والآخر كون الاستصحاب مثبتا.
توضيح ذلك : أن بعض الأصوليين استدل على البراءة باستصحابها ، والشيخ في مبحث أصل البراءة ناقش في هذا الاستدلال بأنه يتوقف على حجية الأصل المثبت ، حيث ان المستصحب أحد أمور ثلاثة : براءة الذّمّة أو عدم المنع عن الفعل أو عدم استحقاق العقاب عليه. والأثر المترتب على هذه المستصحبات أمران :
أحدهما : عدم ترتب العقاب على الفعل في الآخرة ، والآخر الاذن في الفعل. أما عدم ترتب العقاب عليه في الآخرة فليس من الأحكام المجعولة الشرعية لتلك المستصحبات حتى يثبت بالاستصحاب. وأما الاذن في الفعل فهو من المقارنات لتلك المستصحبات ، فذلك نظير إثبات وجود أحد الضدين بنفي الآخر بأصالة العدم.
فملخص هذه المناقشة : أن استصحاب البراءة المتيقنة حال الصغر لا يصح الاستدلال به على البراءة ، لكونه مثبتا ، إذ لا أثر له إلّا عدم ترتب العقاب أو الترخيص في الفعل ، وشيء منهما لا يثبت بالاستصحاب ، إذ الأول ليس أثرا شرعيا ، والثاني من المقارنات لتلك المستصحبات ، لأن عدم المنع ـ مع القطع بعدم خلوّ الواقعة عن أحد الأحكام الخمسة ـ يلازم الترخيص المستلزم لعدم العقوبة ، لا أن الترخيص من لوازمها الشرعية ، وعليه فإثبات الترخيص باستصحابها نظير إثبات أحد الضدين بنفي الآخر بأصالة العدم.
وبالجملة : فاستصحاب البراءة سواء أكان أثره عدم ترتب العقاب أم الترخيص