وأما النحو الثالث (١) فهو
______________________________________________________
(١) وهو ما يكون قابلا للجعل أصالة بإنشائه مستقلا وتبعا للتكليف وان كان الصحيح كونه مجعولا بالاستقلال كما سيأتي. وضابط هذا القسم كل أمر اعتباري له أثر شرعا وعرفا كالحجية والقضاوة والولاية والإمامة والخلافة والضمان وغيرها ، فان هذا النحو من الأحكام الوضعيّة يحتمل فيه وجهان :
أحدهما : أن يكون منتزعا عن الحكم التكليفي ، لإمكان انتزاعه عن الأحكام الشرعية التي تكون في مواردها ، فيقال : الزوجية مثلا منتزعة عن جواز المباشرة والنّظر واللمس ونحوها ، وإليه ذهب شيخنا الأعظم (قده) حيث أنكر جعل هذه الأمور الاعتبارية أصالة وادعى كونها منتزعة من التكليف ، قال في مجعولية الصحة والفساد في المعاملات وعدمها : «فان لوحظت المعاملة سببا لحكم تكليفي كالبيع لإباحة التصرفات ، والنكاح لإباحة الاستمتاعات ، فالكلام فيهما يعرف مما سبق في السببية وأخواتها. وان لوحظت لأمر آخر كسببية البيع للملكية والنكاح للزوجية والعتق للحرية وسببية الغسل للطهارة ، فهذه الأمور بنفسها ليست أحكاما
__________________
فان المحمول بالحمل الشائع عليها هو عنوان المقدمة. نعم لا يحمل عليها مقدمة الواجب ، كما لا تتصف بالوجوب أيضا بناء على وجوبها إلّا بعد تعلق الوجوب بذيها.
فالمتحصل : أن الجزئية والشرطية والمانعية أمور واقعية غير متوقفة على تعلق الطلب بما يقوم به الغرض. نعم الاتصاف بالجزئية ونحوها للواجب منوط بتعلق الأمر به ، وهذا الاتصاف انتزاعي.
فقد ظهر أنه لا فرق بين الجزئية وغيرها في الحقيقية والانتزاعية ، وكلّها على وزان واحد.
ومما ذكرنا يظهر حال الرقبة المؤمنة وزيد العالم ، فان قيدية المؤمنة للرقبة والعالم لزيد ثابتة قبل تعلق الوجوب بعتق الرقبة المؤمنة وبإكرام زيد العالم ، وبعد تعلقه بهما يتصفان بقيديتهما لموضوع الواجب.