لا محالة إما (١) لعدم اليقين بثبوتها في حقهم [في حقنا] وإن (٢) علم بثبوتها سابقا في حق آخرين ، فلا شك (٣) في بقائها
______________________________________________________
(١) هذا إشارة إلى اختلال الركن الأول أعني به اليقين بالثبوت الّذي هو أول وجهي التوهم ، وقد عرفت توضيحه ، و «لعدم» متعلق بـ «اختلال» وضمير «بثبوتها» راجع إلى «أحكام» وضمير «حقهم» إلى ما يفهم من العبارة ، وهو أهل هذه الشريعة الذين يريدون إجراء استصحاب أحكام الشرائع السابقة.
ولا يخفى أن في بعض نسخ الكفاية «بثبوتها في حقنا» وهو الأوفق بقوله بعده : «في حق آخرين» والظاهر أن المراد واحد ، يعني : أن المسلمين لا يقين لهم بأصل ثبوت الأحكام التي يدعي أهل الكتاب اشتمال كتبهم السماوية عليها بعد علمنا بتحريفها ، كما يشهد لهذا المعنى عدة من الآيات الموبّخة لليهود على تحريمهم ما لم يحرمه الله تعالى فيما أنزله في التوراة. لكن هذا الوجه مخدوش لوفاء أحاديثنا بجملة كثيرة من أحكام شريعة موسى عليهالسلام ، فحينئذ لا بد من ملاحظة خطاباتها وأنها بعنوان عام نحو «يا أيها الناس» مثلا أو بعنوان خاص نحو «يا أيها اليهود» ونحو ذلك.
فالنتيجة : أنّا إما قاطعون بالبقاء على تقدير الإمضاء ـ كما هو حال جملة من الأحكام ـ وإما بالارتفاع على تقدير النسخ ، كما هو حال جملة أخرى من الأحكام ، فلا شك لأهل الملة اللاحقة على كل حال حتى يجوز لهم استصحاب أحكام الشريعة السابقة. وقوله : «لا محالة» قيد لـ «اختلال».
(٢) كلمة «وان» وصلية ، يعني : أن اليقين بثبوت الأحكام وان كان حاصلا لأهل الشريعة السابقة وهم المقصودون بقوله : «آخرين» لكنه غير حاصل لأهل هذه الشريعة ، لعدم ثبوتها في حقهم ، وضمير «بثبوتها» راجع إلى «أحكام».
(٣) هذا متفرع على عدم اليقين بثبوت أحكام تلك الشرائع لأهل هذه الشريعة ، وغرضه بيان انتفاء الركن الثاني أيضا وهو الشك في البقاء بسبب عدم اليقين السابق ، لأن الشك في بقاء شيء واستمراره فرع اليقين بحدوثه ، وإلّا كان الشك