الرابع (١) : أنه لا فرق في المتيقن بين أن يكون من الأمور القارة (٢) أو التدريجية (٣) غير القارة ، فان الأمور غير القارة وإن كان (٤) وجودها
______________________________________________________
(التنبيه الرابع : استصحاب الأمور التدريجية)
(١) الغرض من عقد هذا الأمر التنبيه على حجية الاستصحاب في الأمور التدريجية كحجيته في الأمور القارة ، ودفع الإشكال الوارد على حجية في الأمور التدريجية ، والإشارة إلى أن التدريجي إما زمان وإما زماني وإما قيد لشيء مستقر. كما أن الشيخ (قده) أيضا تعرض لذلك كله في التنبيه الثاني ، فهذا التنبيه راجع إلى المتيقن ، وأن الاستصحاب حجة فيه مطلقا سواء أكان تدريجيا أم قارّا.
(٢) وهي ما تجتمع أجزاؤه بعضها مع بعض في الوجود زمانا من غير فرق بين الجواهر كزيد وعمرو وغيرهما من نوع الإنسان ، والأعراض كالعلم والعدالة والسواد والبياض.
(٣) وهي ما لا تجتمع أجزاؤه في الزمان ، فلا يوجد جزء منه إلّا بعد انعدام الجزء الّذي قبله ، كنفس الزمان ، فان ساعات النهار توجد تدريجا بحيث يتوقف وجود كل ساعة منها على انعدام سابقتها ، وكذا الليل والأسبوع والشهر وأمثالها من الأزمنة. وكذا الزماني كجريان الماء وسيلان الدم والتكلم والكتابة ونحوهما من الأمور المتدرجة في الوجود.
(٤) هذا إشارة إلى منشأ الإشكال الّذي أشرنا إليه في صدر هذا التنبيه في جريان الاستصحاب في الأمور التدريجية. أما نفس الإشكال فمحصله : اختلال أحد ركني الاستصحاب وهو الشك في البقاء فيها ، وذلك لأن الجزء المعلوم الوجود في الزمان الأول قد انعدم قطعا ، فلا شك في بقائه حتى يجري فيه الاستصحاب ، والجزء الثاني مشكوك الحدوث ، وهو بمقتضى أصالة عدمه محكوم بالعدم.
وأما منشأ الإشكال فهو ملاحظة كل واحد من أجزاء التدريجي شيئا مستقلا ، ومن المعلوم أن لحاظ كل جزء بحياله يوجب هذا الإشكال.