حيث (١) دل على أن اليقين بشعبان لا يكون مدخولاً بالشك في بقائه
______________________________________________________
(١) هذا شروع في الجهة الثانية وهي تقريب دلالة المكاتبة على الاستصحاب ببيان : أن المراد بقوله عليهالسلام : «اليقين لا يدخل فيه الشك» هو اليقين بشعبان ان كان يوم الشك في أول رمضان ، فان اليقين بشعبان أو بعدم دخول رمضان لا ينتقض بالشك في دخول رمضان ، بل ينتقض بالعلم بدخوله ، فالمستفاد منه الحكم ببقاء شعبان عند الشك في دخول الشهر المبارك. أو اليقين بشهر رمضان ان كان يوم الشك في آخره ، فانه يبنى على بقائه حتى يحصل العلم بدخول شوال. وعلى كل تقدير تدل المكاتبة على اعتبار الاستصحاب ، فلا يجوز الصوم بنية شهر رمضان إلّا بالعلم بدخول الشهر ، ويحرم الإفطار إلّا بالعلم بدخول شوال.
ثم ان شيخنا الأعظم جعل هذه المكاتبة أظهر الأخبار الدالة على حجية الاستصحاب لأمور ، منها : كون اللام في «اليقين» للجنس ، لعدم سبق ما يوجب احتمال العهد فيه ، كما كان في صحاح زرارة من اليقين بالوضوء أو بالطهارة من الخبث أو بعدم الإتيان بالركعة الرابعة.
ومنها : أن احتمال إرادة اليقين بالبراءة المتطرق في الصحيحة الثالثة وفي موثقة عمار مما لا مجال له هنا ، كما أن إرادة قاعدة اليقين المتقدمة في حديث الأربعمائة غير محتملة هنا ، لعدم وجود الفعل الماضي و «فاء» العاطفة الدالين على السبق واللحوق.
ومنها : أن الإمام عليهالسلام ألقى كبرى «اليقين لا يدخل فيه الشك» وفرّع عليه وجوب الصوم للرؤية والإفطار كذلك ، وهذا التفريع ظاهر في عدم خصوصية للصوم والإفطار ، وإنما المناط كله يكون في حرمة نقض اليقين عملاً بالشك وهو كبرى الاستصحاب. ولو لم يكن مقصوده عليهالسلام بيان حجية الاستصحاب لكان يكتفي في الإجابة عن السؤال بقوله : «صُم للرؤية وأفطر للرؤية» فعدم دخول الشك في اليقين وعدم مزاحمته له وعدم نفوذه فيه لا يدل إلّا على الاستصحاب.
وبهذا يظهر صحة ما أفاده المصنف في الصحيحة الأولى من أن اسناد النقض